شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٩
الرابع: أن هذه الصفات ليس أمورا سلبية بل ثبوتية فهي امور حقيقية زايدة على ذاته قائمة بها.
ثم أورد على نفسه إشكالات، أحدها: أن اللازم من هذه الأدلة أن حقيقة الإله مركبة من أمور كثيرة فكيف القول فيه، وثانيها: أن الوحدة صفة زائدة على الذات قائمة بها وإذا كانت حقيقة الحق واحدة فهناك ثلاثة امور تلك الحقيقة والوحدة واتصاف الحقيقة بها، وكذا في الوجود والوجوب كثرة حاصلة بسبب الوجود والوجوب والمهية واتصاف المهية بهما، وثالثها: أن هذه الحقيقة هل يمكن الإخبار عنها أم لا والثاني محال لأن كل شيء يمكن الإخبار عنه ولو بالشيئية ونحوها فتعين الأول فهناك مخبر به ومخبر عنه لا أمر واحد، ثم أراد التفصي عنها بما أوحي الخبيث إلى نفسه فقال: والواجب عن الأول أنه تعالى ذاته موصوفة بهذه الصفات ولا شك أن المجموع مفتقر في تحققه إلى أجزائه إلا أن الذات قائمة بنفسها وواجبة بنفسها ثم إنها بعد وجوبها بعدية بالرتبة مستلزمة لتلك النعوت والصفات، وهذا مما لا امتناع للعقل فيه.
وعن الثاني أن لزوم التثبيت حق لكن فرق بين النظر إليه من حيث هو وبين النظر إليه من حيث أنه محكوم عليه بأنه واحد، فإذا نظرت إليه من حيث هو مع ترك الالتفات إلى أنه واحد، فهناك يتحقق الوحدة، وهنالك حالة عجيبة، فإن العقل ما دام يلتفت إلى الوحدة فهو بعد لم يصل إلى عالم الوحدة فإذا ترك الوحدة فقد وصل إلى الوحدة وهذا هو الجواب أيضا عن إشكال الوجود والوجوب.
وعن الأخير أنك إذا نظرت إليه من حيث هو من غير أن تخبر عنه بنفي أو إثبات فهناك حق الوصول إلى مبادئ عالم التوحيد. انتهى كلام ذلك الفاضل الذي فضله الشيطان أفضل من فضلة فيه.
والجواب عن الأجوبة المذكورة أنها مشتملة على التناقض حيث جعل الذات الخالية عن الوحدة واحدة والذات المعراة عن الوجود والوجوب موجودة واجبة، وهكذا في سائر الصفات.
وعن الأدلة المذكورة أنه إما لم يفهم معنى عينية الصفات أو لم يفرق بين المفهومات الكلية وأفرادها أما الأول فلأن معنى كون صفات الواجب عين ذاته عند المحققين أن ذاته تنوب مناب تلك الصفات (1) ويرجع ذلك عند التحقيق إلى نفي الصفات وإثبات ثمراتها ونتايجها للذات

1 - قوله «ذاته تنوب مناب تلك الصفات» ليس هذا قول المحققين بل قولهم ما سيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى قال صدر المتألهين (قدس سره): ليس معنى عينيتها وعدم زيادتها مجرد نفي أضدادها عنه تعالى حتى يكون علمه تعالى عبارة عن نفي الجهل وقدرته عبارة عن نفي العجز، وعلى هذا القياس في السمع والبصر وغيرهما ليلزم التعطيل ولا أيضا معنى كون عالما وقادرا أن يترتب على مجرد ذاته ما يترتب على الذات والصفة بأن ينوب ذاته مناب تلك الصفات ليلزم أن يكون اطلاق العلم والقدرة وغيرهما عليه تعالى على سبيل الحقيقة فيكون عالما قادرا سميعا بصيرا بالمجاز فيصح سلبها عنه لأنه علامة المجاز ولازمه. انتهى.
وقال المجلسي (رحمه الله) في مرآة العقول: وليس عينيتها وعدم زيادتها بمعنى نفي أضدادها عنه تعالى حتى يكون علمه سبحانه عبارة عن نفي الجهل ليلزم التعطيل فقيل معنى كونه عالما قادرا أنه يترتب على مجرد ذاته ما يترتب على الذات والصفة بأن ينوب ذاته مناب تلك الصفات والأكثر على أنه تصدق آه. انتهى، وهو مأخوذ من الصدر (قدس سره). (ش)
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست