شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٨
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان الله عز وجل ولا شيء غيره (1)) ذكره في هذا الباب لإفادة أن صفاته الذاتية عين ذاته إذ لو كانت زايدة لكان معه غيره وأن جميع ما سواه حادث وقد دلت الأخبار المتواترة عن أهل الذكر (عليهم السلام) على أن من يقول بزيادة الصفات وتكثر المعاني فهو مشرك وأستدل الفخر الرازي على زيادتها بوجوه:
الأول: أن صفاته تعالى معلومة لنا وذاته غير معلومة لنا وغير المعلوم غير المعلوم فصفاته غير ذاته.
الثاني: لو كانت صفاته عين ذاته لكان قولنا الذات عالمة قادرة بمنزلة قولنا: الذات ذات فاستحال أن يكون ذلك محل البحث وأن يقام البرهان على نفيه وإثباته فإن من قال الذات ذات علم بالضرورة صدقه ومن قال: الذات ليست بذات علم بالضرورة كذبه، ولما كان قولنا الذات عالمة أو ليس بعالمة ليس بمثابة قولنا الذات ذات أو الذات ليس بذات علمنا أن هذه الصفات أمور زائدة على الذات.
الثالث: لو كان الصفات عين الذات والذات شيء واحد كان الاستدلال على كونه قادرا يغني عن الاستدلال على كونه عالما وعلى كونه حيا، فلما لم يكن كذلك بل افتقرنا في كل صفة إلى دليل خاص علمنا أن الصفات امور زائدة على الذات.

1 - قوله «كان الله ولا شيء غيره» الاحتمال المعقول عند القائل بالصفات الزائدة أن تكون الصفات قديمة مع كونها متفرعة على الذات ويعبر عنها بالحدوث الذاتي إذ معنى الحادث الذاتي أن يكون الشيء مخلوقا ومع ذلك دائما بدوام العلة نظير أن تكون الشمس يفيض منها النور دائما والنور معلول لها ولا تكون فصل زمان بين وجود الشمس والنور إلا ما يتوهم من لزوم السابقية والعلية وصفات الباري جل شأنه عند أصحاب الصفات أمور غير الذات فإما أن تكون متفرعة على الذات بحيث لا يحتمل لها وجود ما لم تكن الذات أولا تكون متفرعة بل كل واحدة موجودة بذاتها وعلى حيالها وعلى الثاني يلزم تعدد الواجب بالذات نعوذ بالله ، وعلى الأول إما أن تكون حادثة زمانا أو قديمة، فإن كانت حادثة لزم خلو ذات الواجب عن الصفات زمانا غير متناه بأن لا يكون عالما ولا قادرا ولا حيا وهكذا هو باطل وإن كانت قديمة زمانا مع كونها متفرعة على الذات ثبت الحدوث الذاتي باعتراف المتكلم الأشعري وعلى ما ذكرنا فلا يناسب كلام الشارح بطوله هنا إذ لا ينكر القائل بالصفات كان الله ولا شيء غيره وليس هذا ردا عليه ويصدق مع كون الصفات حادثة بالحدوث الذاتي كان الله ولا شيء غيره بل الصحيح أنه يريد إثبات العلم والقدرة وأمثالهما لذات الواجب قبل وجود المعلوم والمقدور كما في الحديث السابق وهذا هو المستفاد من كلام الشارحين الصدر والمجلسي رحمهما الله. (ش)
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست