شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٢٥
الشرايع والأمر التكليفي.
(تبارك الله رب العالمين) أي تنزه عن النقصان والاتصاف بصفات الإمكان، الله الذي أحدث عالم الخلق وأخرجه من حد النقص إلى حد الكمال وربى كل شيء وإعطاء ما يليق به من الصفات والأحوال.
(ويلك أيها السائل) أعاد كلمة الويل لشدة غيظه (عليه السلام) والوجه من السائل لما سمع منه في شأن الباري ما لا يليق به (إن ربي لا تغشاه الأوهام) الغشاء الغطاء والغشيان بالكسر الإتيان تقول غشيته إذا أتيته يعني لا تأتيه الأوهام ولا تحيط به إذ الوهم إنما يدرك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات ويمكن أن يراد بالأوهام النفس وقواها لأن النفس في معرفة الصانع كالوهم في أن ما أحاطت به ليس هو الصانع جل شأنه.
(ولا تنزل به الشبهات) لأن الشبهة إنما تحصل من مزج الباطل بالحق وعدم التميز بينهما والله سبحانه عالم السر والخفيات فلا ينزل في ساحة علمه الجهل والشبهات، ويحتمل أن يراد لا ينزل به شبهات الأوهام فإن كل ما مثله الوهم فهو بعيد عن قدسه جل ذكره (ولا يحار) من شيء أما من حار الرجل يحار حيرة إذا تحير في أمره ولم يعرف وجه الفصل فيه فهو حيران فيكون فيه إشارة إلى كمال علمه بالأشياء أو من أجاره بالجيم يجير إجارة إذا أغاثه من شدة وأنقذه منها «ولا يجار» حينئذ مبني للمفعول، يعني أنه سبحانه لا ينزل به مصايب حتى يغيثه أحد وهو الذي يغيث من يشاء ويحرسه وقد أشار إليه جل شأنه بقوله «قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه» أي لا يغيثه ولا يمنع منه أحد، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة (ولا يجاوزه شيء) إما بالجيم والزاي المعجمة أي لا يسير عليه شيء ولا يخلفه وراءه لأن ذلك من صفات الأينيات أو لا يتجاوز شيء عن حكمه وقدرته لأن حكمه جار على جميع المخلوقات وقدرته شاملة لجميع الممكنات وإما بالجيم والراء المهملة أي لا يستقر شيء في جواره إذ ليس له مكان، ونسبته إلى الأماكن بالعالم والإحاطة على السواء.
(ولا تنزل به الأحداث) أي لا تنزل به نوايب الزمان وحوادثه لأنه ليس بزماني ولاستحالة انفعاله عن الغير وتغيره من حال إلى حال، أو لا تنزل به الأعراض لاستحالة أن يكون محلا للعوارض.
(ولا يسأل عن شيء) فعله أو لم يفعله لأنه مالك قوي على الإطلاق وسلطان عظيم بالاستحقاق، ومتوحد بالعظمة والجبروت، وعليم خبير بالملك والملكوت، وكل ما سواه فهو مملوك له، وليس للمملوك أن يسأل مالكه لم فعلت هذا وتركت ذاك، سيما إذا كان المالك عدلا
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست