شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٢٧
أعجمي والمراد به مقدم بني الجالوت (1) في العلم.
(فقالوا له إن هذا الرجل عالم - يعنون أمير المؤمنين (عليه السلام) - فانطلق بنا إليه نسأله، فأتوه فقيل لهم:
هو في القصر فانتظروه حتى خرج) وفي بعض النسخ «حتى يخرج» وهو يفتقر إلى اعتبار حذف في الكلام كما لا يخفى على العارف بالعربية.
(فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك، فقال: سل يا يهودي عما بدا لك فقال أسألك عن ربك متى كان) لما سأل عن زمان وجوده وكان السؤال عنه مختصا بالموجودات الزمانية التي لا تخلوا من كون حادث وكيف وكم وغاية ونهاية وقبل وبعد نفي عنه تعالى هذه المعاني للتنبيه على أنه لا يصح السؤال عنه بمتى.
(فقال كان بلا كينونية) أي بلا كون حادث (2) قال الجوهري: تقول كان كونا وكينونة، شبهوه بالحيدودة والطيرورة من ذوات الياء، ولم يجيء من ذوات الواو على هذا إلا أحرف كينونة وهيعوعة، وديمومة، وقيدودة وأصله كينونة بتشديد الياء فحذفوه كما حذفوه من هين وميت ولولا ذلك لقالوا: كونونة ثم إنه ليس في الكلام فعلول، وإما الحيدودة فأصله فعلولة بفتح العين فسكنت.
ولعل المراد أن وجوده تعالى شأنه نفس ذاته المقدسة القديمة باعتبار أنها مبدء للآثار العجيبة والأفعال الغريبة وليس وجوده حادثا ولا زايدا حتى يسأل عنه بمتى إذ لو كان حادثا أو زايدا، فإما أن يكون منه أو من غيره، والأول باطل لاستحالة أن يكون الشيء علة لوجود نفسه وإلا لزم تحقق الوجود قبل تحققه وكذا الثاني لامتناع احتياج الواجب بالذات في وجوده إلى الغير.
(كان بلا كيف) كان المراد أنه كان بلا صفة زايدة (3) عليه وإلا لزم تعدد الواجب إن كانت تلك

1 - قوله «مقدم بني الجالوت» كان الشارح (رحمه الله) زعم أن جالوت اسم رجل وأن جماعة من بني إسرائيل من أولاده ورأس الجالوت رئيسهم والصحيح ما في مفاتيح العلوم أن الجالوت هم الجالية أعني الذين جلوا عن أوطانهم ببيت المقدس ويكون رأس الجالوت من ولد داود (عليه السلام) انتهى. ويشبه أن يكون جميع روايات هذا الباب عن رأس الجالوت أو خبر من أخبار اليهود حديثا واحدا بعبارات مختلفة. (ش) 2 - قوله: «بلا كون حادث» كان لفظ كينونة يدل على صيروة الشيء موجودا بعد أن لم يكن فإنه مصدر والمصدر دال على الحدوث وإنما اختار لفظة كينونة للدلالة على هذا المعنى مع أن الكون أيضا مصدر لأن الكون قد اشتهر استعماله في أصل معنى الوجود من غير دلالة على الصيرورة وفي الكائن والمكون فيقال الكون ويراد به العالم مطلقا وأما الكينونة فلم يستعمل إلا في المصدر فهو صريح في الحدوث ومزاد الشارح بالحدوث هنا التأخر المعلولي كما دل عليه قوله بعد ذلك فأما أن يكون منه أو من غير إلى آخر الاستدلال وهو ما ذكره الحكماء في إثبات أن وجوده عين ذاته والتفسير مقتبس من صدر المتألهين (قدس سره). (ش) 3 - قوله: «كان بلا صفة زائدة» وزاد صدر المتألهين (قدس سره) بعد هذه الكلمة بل علمه وقدرته وإرادته وحياته كلها نفس ذاته فكما هو موجود بذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته مريد بذاته حي بذاته وكذلك في جميع صفاته الوجودية انتهى. (ش)
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست