شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٠٦
الذات والتسمية جعل تلك الكلمة إسما لتلك الذات كوضع البيت لمسماها وقد يطلق التسمية على ذكر الاسم هكذا بيت والأربعة متغايرة كما ترى وهو مقتضى اللغة والعرف وقد يكون التغاير بين المسمى والمسمي بالاعتبار، ثم ذكر من أسماء الشاهد لتوضيح المقصود فقال:
(يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق) فإن من قال: أكلت الخبز وشربت الماء ولبست الثوب وأحرقت النار، أراد بها هذه المسميات دون الأسماء واستدل من وافقنا من العامة على مغايرة الاسم للمسمى بقول عائشة قالت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أهجر إلا اسمك حين قالت غضبا عليه لا ورب إبراهيم ولم تقل لا ورب محمد لأنه لو كان الاسم نفس المسمى لكانت هاجرة له، وأجاب من ذهب منهم (1) إلى العينية بأن هذا في المخلوق ولا نزاع فيه وإنما النزاع في الخالق وفي أن اسمه هو المسمى لأنه تعالى في ذاته وصفاته وأسمائه لا يشبه ذوات المخلوقين وصفاتهم وأسمائهم، وأنت خبير بأن هذا الفرق تحكم.
(أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل) أي تجادل وتخاصم وتسبقه وتغلبه به (أعداءنا والملحدين) المائلين العادلين عن دين الله من الإلحاد باللام على ما رأيناه من النسخ (2) حال كونهم

١ - قوله «وأجاب من ذهب منهم» أقول مقتضى كلامهم أن يجيبوا بأن عائشة هجرت اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي عاهدت أن لا تجري اسمه (صلى الله عليه وآله وسلم) على لسانها فعدلت عن إضافة كلمة الرب إلى محمد إلى الإضافة إلى إبراهيم حتى لا تتلفظ بمحمد وليس لفظ اسم إبراهيم ومحمد ولا مسماهما واحدا ولا يلزم من كون رب إبراهيم ورب محمد واحدا كون محمد وإبراهيم واحدا كما لا يلزم من كونهما مفترقين كون محمد وأحمد أعني اسمي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مفترقين. (ش) ٢ - قوله باللام على ما رأيناه من النسخ، وكذلك رأينا وعندنا نسخة عليه خط المجلسي (رحمه الله) والمحدث الجزائري رحمه الله وإجازته لبعض تلاميذه وتصريحه بالمقابلة في مواضع كثيرة وفي مرآة العقول شرح كلمة الإلحاد كما هنا وعلى كل حال فليس المراد هنا الزنادقة أو المشركين بالمعنى الحقيقي لأن كون الاسم عين المسمى قول حشوية العامة وأهل الحديث منهم لا قول المشركين وهذه المسألة وإن كانت بمرتبة من الوضوح لا يناسب تبحج هشام بالغلبة فيها على كل أحد لكن لما كان أصحاب الحديث في الجاه والمنزلة وقبول العوام بحيث ما كان الغلبة عليهم سهلا إلا أن يكون البرهان عليهم واضحا جدا يفهمه كل أحد تبحج هشام به وأنت ترى أكبر كبراء القوم كالغزالي والقاضي لم يتجرؤا في مسائل كثيرة على مخالفتهم لئلا يتهموا بمخالفة السنة ويترك ساير تحقيقاتهم بذلك.
وذكرنا سابقا أن كون الاسم عين المسمى نسب إلى الأشاعرة وكونه غيره إلى المعتزلة ولكن الأشعري أيضا تبع أهل الحديث السابقين عليه وهذا الحديث دليل عليه لأن الأشعري كان متأخرا عن هشام بن الحكم جدا وكان معاصرا للكليني عليه الرحمة مع وجود قوله في عصر هشام، قال الإمام في تفسيره قالت الحشوية والكرامية والأشعرية الاسم نفس المسمى وغير التسمية وقالت المعتزلة الاسم غير المسمى ونفس التسمية والمختار عندنا أن الاسم غير المسمى وغير التسمية، ثم قال: إن كان المراد بالاسم هذا اللفظ الذي هو أصوات مقطعة وحروف مؤلفة وبالمسمى تلك الذوات في أنفسها وتلك الحقايق بأعيانها فالعلم الضروري حاصل بأن الاسم غير المسمى. (ش)
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست