شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٤٠
واحدة. ويحتمل أن يراد بالحياة الإيمان بالله وباليوم الآخر والتصديق بما جاء به الشرع من باب تسمية السبب باسم المسبب لأن هذه الأمور سبب للحيوة الأبدية (ومصابيح للظلام) شبه البدعة والجهالة بالظلمة في المنع من الاهتداء للطريق واستعمل في المشبه لفظ المشبه به ولزم من ذلك تشبيههم (عليهم السلام) بالمصابيح إذ بنورهم يرتفع غشاوة البدعة والجهالة عن بصائر المؤمنين فيهتدون سبيل الحق ويجتنبون عن طريق المفاسد كما أن بنور المصباح يرتفع غشاوة الظلمة عن أبصار الناظرين فيبصرون المطالب ويرشدون إلى المقاصد.
(ومفاتيح للكلام) تشبيه الكلام بالبيت المخزون فيها الجواهر استعارة مكنية وإثبات المفاتيح له تخييلية. والمراد بالكلام الكلام الحق مطلقا أو القرآن العزيز ولا يفتح باب حقايقه وأسراره على قلوب العارفين ولا يشاهدها بصائر الطالبين إلا بتفسيرهم وتعليمهم (عليهم السلام) (ودعائهم للاسلام) تشبيه الإسلام بالبيت مكنية، وإثبات الدعائم له تخييلية، فكما أن بقاء البيت يحتاج إلى دعائم متناوبة يقوم الآخر مقام الأول عند زواله كذلك بقاء الإسلام وعدم اندراسه بتوارد صواعق المحن وتواتر سيول الفتن يحتاج إلى ناصر ومعين يقوم واحد بعد واحد إلى قيام الساعة. (وجعل نظام طاعته) أي ما ينتظم به طاعته. والنظام - بالكسر - الخيط الذي ينظم به اللؤلؤ ففي الكلام استعارة مكنية وتخييلية (وتمام فرضه) على العباد من غير أن يكون فيه نقص وعيب (التسليم لهم فيما علم) أي فيما علمه العبد أو فيما هو معلوم ومعنى التسليم الاخبات والخضوع، وتصديق قولهم فيما أسروا وما أعلنوا سواء علمت المصلحة أو لم تعلم، ومن التسليم نقل حديثهم كما سمعوه من غير زيادة ونقصان كما دل عليه رواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (1) (والرد إليهم فيما جهل) أي فيما جهله العبد أو فيما هو مجهول يعني الرجوع إليهم في استعلام المجهولات لا إلى غيرهم قال الله تعالى (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وبالجملة أوجب الله تعالى علينا التسليم لهم في كل ما علمناه من تعليمهم والرجوع إليهم في كل ما جهلناه لأنهم أستاذنا وهادينا (2) في ظلمات الطبايع البشرية.
(وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون) الحظر المنع ومنه قوله تعالى (وما كان عطاء ربك محظورا) وكثيرا ما يرد في الحديث ذكر المحظور ويراد به الحرام، قد حظرت الشئ

1 - سيأتي في باب التسليم وفضل المسلمين تحت رقم 8 حديث عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم الحسني عن علي بن أسباط عن علي بن عقبة عن الحكم بن أيمن عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إلى آخر الآية) قال: «هم المسلمون لآل محمد الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه».
2 - كذا في جميع النسخ التي كانت عندنا.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست