شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٧
بلية.
(والاحتجاج بحججه) إذ لكل حق حقيقة، ولكل حقيقة دليل وحجة من الله سبحانه فوجب على العاقل التمسك في إثباتها بتلك الحجة لا بما سولت له نفسه فان إيصاله إلى المفاسد أولى من إيصاله إلى المقاصد. ويجوز أن يراد بالحجج الأئمة المعصومين إذ من حق الله تعالى على العباد أن يحتجوا في العلوم الدينية والمعارف اليقينية بقولهم (عليهم السلام) لأنهم حفظة لسره وخزنة لعلمه (والاستضاءة بنوره) الذي أودعه (في معادن أهل صفوته) المراد بالنور العلم على سبيل الاستعارة وتشبيه المعقول بالمحسوس لجامع عقلي وهو الايصال إلى المطلوب إذ بالعلم يدرك الحق ويفرق بينه وبين الباطل كما أن بالنور يدرك المحسوس ويفصل بين الأشياء المرئية، والاستيضاء ترشيح، وصفوة الشئ خالصه، ونبينا (صلى الله عليه وآله) وعترته الطاهرين (عليهم السلام) صفوة الله من خلقه، والإضافة الأولى بيانية أو لامية إن أريد بالمعادن القلوب والثانية بيانية والثالثة لامية، وتتابع الإضافات لا يوجب ثقلا مخلا بالفصاحة (ومصطفى أهل خيرته) عطف على المعادن، الاصطفاء الاختيار يقال: اصطفيته أي اخترته، والمصطفى بصيغة الافراد أو الجمع باسقاط النون للإضافة، والإضافة إما بيانية أو بتقدير «من» والخيرة مثال العنبة والسيرة إما بمعنى المختار أو بمعنى الاختيار وقد استعملت فيهما كما في قولهم محمد (صلى الله عليه وآله) خيرة الله وقوله تعالى: (ما كان لهم الخيرة).
(فأوضح الله بأئمة الهدى من هل بيت نبينا) حال عن الأئمة أو بيان لها. (عن دينه) الذي هو عبارة عن مجموع ما جاء به نبينا من القوانين. والايضاح الاظهار والإبانة. يقال: وضح الشئ أي ظهر وبان; وأوضحته أي أظهرته وتعديته بعن للمبالغة (وأبلج بهم عن سبيل مناهجه) بلج الصبح يبلج بالضم بلوجا إذا أشرق وأضاء وكذا الحق إذا اتضح، وأبلجه إذا أظهره وأوضحه و «عن» زائدة للمبالغة في الربط والايصال ومناهجه كل ما يتقرب به إليه سبحانه من العلوم الكاملة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة، وسبيلها دلائلها، يعني أضاء بأنوار أئمة الهدى وإشراقاتهم سبيل هذه الأمور الموصلة إلى جناب الحق الموجبة للتقرب به، وأوضح دلائلها (وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه) الينابيع جميع ينبوع وهي عين الماء، وهذا الكلام إما على سبيل الاستعارة المكنية والتخييلية.
بتشبيه العلم بالماء، وإثبات الينابيع له، أو من قبيل لجين الماء، وفي لفظ الباطن إشارة إلى علمهم بالأسرار الالهية والعلوم الغيبية اللدنية المشار إليها بقوله تعالى: (عالم الغيب والشهادة فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) أو إلى علمهم بباطن القرآن ومتشابهاته على أن يكون المراد بالينابيع الآيات القرآنية.
(وجعلهم مسالك لمعرفته) لكل مطلوب طريق ومسلك من سلكه وصل إليه وهم (عليهم السلام) طرق
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست