شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٦
الأسرار الشرعية، فإن المرجع إذا كان موجودا بينهم بعده (صلى الله عليه وآله) لم يبق لهم معذرة لاتباع الأهواء الباطلة، واقتفاء الآراء الفاسدة.
(صاحبين مؤتلفين) حال عن الكتاب والوصي، أي لا يفارق أحدهما الآخر أصلا، الائتلاف مطاوع التأليف; يقال: ألفت بين الشيئين تأليفا فتألفا وائتلفا، وفيه إشارة إلى قوله (صلى الله عليه وآله) «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي الحديث» (يشهد كل واحد لصاحبه بالتصديق) أي بسبب تصديق كل واحد ما يقول وينطق; فالقرآن يصدقه (عليه السلام) في كل ما يقول باعتبار اشتماله عليه ومن جملة ما يقوله (عليه السلام) تقدمه في خلافته، ووجوب إطاعته، والقرآن يشهد له بقوله (إنما وليكم الله - الآية) وبقوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) إلى غير ذلك وهو (عليه السلام) يصدق القرآن فيما ينادي من اشتماله على كل ما كان وما يكون وما يحتاج إليه الأمة إلى يوم القيامة لأنه عالم بظاهره وباطنه ومفهومه ومنطوقه وعامه وخاصه وناسخه ومنسوخه وأسراره كما يرشد إليه قوله تعالى (ومن عنده علم الكتاب) قوله تعالى (فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
(ينطق الإمام عن الله في كتاب الله بما أوجب الله فيه على العباد من طاعته) خلق الله تعالى عباده للطاعة والانقياد له في كل ما أمر به ونهى عنه في الكتاب، وظاهر أن كل أحد لا يقدر على استنباط المقصود مه لكونه ظاهرا وباطنا، ورمزا وإشارة ومجملا ومفصلا، ومحكما ومتشابها، وعاما وخاصا، ومطلقا ومقيدا، ومفهوما ومنطوقا، وناسخا ومنسوخا; فلذلك وجب في الحكمة ثبوت إمام ينطق عن الله بما أوجب عليهم وما يحتاجون إليه لئلا يضلوا، ولا يبقى لهم حجة ولا معذرة وهو لسان الحق والناطق عن كتابه والمبين لخطابه. ووجب عليهم الانقياد له واتباع آثاره، واستماع أخباره، واقتفاء أفعاله وأطواره (وطاعة الإمام وولايته) لدلالة الآيات القرآنية والبينات الربانية على ثبوت الإمامة والولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) وبعد لأولاده الطاهرين، وبينها الرسول وأهل الذكر (عليهم السلام) وعينوها وعينوا مواضعها وكيفية دلالتها، والمنكرون لفضل آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين أولوها بما سولت لهم أنفسهم فضلوا وأضلوا كثيرا وأوردوهم النار وبئست مصيرا. (وواجب حقه) ليس عطفا «على ولايته» والضمير للامام، بل على الموصول أو على طاعته والضمير لله تعالى وإدراج الواجب على الأخير للمبالغة والإضافة على التقديرين من باب جرد قطيفة. (الذي أراد) أي أراده من الإمام أو العباد والموصول مع صلته صفة لحقه. (من استكمال دينه) بالعلم والعمل (وإظهار أمره) لحفظ الطريقة الالهية عن الانطماس والعلوم النبوية عن الاندراس سيما عند ظهور البدعة وبروز الخدعة فإنه يجب على العالم حينئذ إبطالها باظهار الحق. ومن ثم وجب وجود معصوم في كل عصر ليكون مفزعا في كل مصيبة وملجأ في كل
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست