شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٤٤
حكاية الخضر وموسى على نبينا وآله عليهما الصلاة والسلام فإذا كان الحال بين النبيين المقربين الكاملين في القوة العلمية والعلية ما قد تعلم فالحال بين غيرهما أظهر ولزوم الافتراق أبين وأجدر (حتى كاد العلم معهم) أي مع سوء معاملتهم وقبح أفعالهم وشدة معاندتهم (أن يأرز كله) بتقديم الراء المهملة على المنقوطة أي يجتمع كله في زاوية النسيان من أرزت الحية إلى جحرها إذا انضمت إليها واجتمع بعضها إلى بعض فيها، أو يتقبض ويهزل من الهم الغم من أرز فلان يأرز أرزا فهو أروز إذا تقبض من بخله ولم ينبسط للمعروف، وعلى التقديرين في الكلام استعارة تبعية، ويأزر بتقديم المنقوطة على المهملة بمعنى يضعف غير بعيد، والأرز مشترك بين الضدين أي القوة والضعف (و ينقطع مواده) بالكلية وهي الأخبار والآثار المروية عن المعصوم (عليه السلام) (لما قد رضوا أن يستندوا) في أعمالهم وعقايدهم (إلى الجهل) ويعتمدوا عليه ويركنوا إليه وهو إشارة إلى الاصطلاح والتوازر المذكورين كما أن قوله (و يضيعوا العلم وأهله) إشارة إلى المباينة المذكورة لأنهم بسبب تلك المباينة يلبسون الحق بالباطل وهم عن الحق معرضون، ويدرسون كتاب الجهل وهم به موقنون ويروجون مسائله وهم بذلك مبتهجون، ويتبعون آثاره من الخطيئات وهم على ذلك مفرطون، ويمدحون الدنيا وأهلها وهم إليهم متقربون، ويذمون العلم وأهله وهم عنهم يجتنبون، ويوحون إلى أقرانهم زخرف القول في ذم العلماء وهم بذلك مستبشرون، ويكرهون مجالسة الحكماء الذين هم ورثة الأنبياء وهم بهم مستهزؤون، كذلك طبع الله على قلوبهم وهم عن إدراك الحق مبعدون، فلذلك كاد العلم أن يأرز وينقطع مواده وينهزم عن عساكر الجهل لفقده من ينصره إلا قليلا من المؤمنين.
(و سألت هل يسع الناس المقام) بنصب الأول على المفعولية ورفع الثاني على الفاعلية (على الجهالة) في المعارف الحقيقية والأمور الشرعية. و «يسع» من وسعة المكان إذا لم يضيق عليه ويستعمل كثيرا في معنى الجواز يقال: يسعه أن يفعل كذا أي يجوز لأن الجائز موسع غير مضيق.
والمقام بفتح الميم وضمها لأنه إن كان من قام يقوم فمفتوح، وإن كان من أقام يقيم فمضموم، وهو على التقديرين قد يكون مصدرا بمعنى القيام أو الإقامة، وقد يكون إسما لموضع القيام ويجوز حمله هنا على كلا المعنيين; لأن الأول يناسب الوسع بمعنى الجواز والثاني يناسبه بمعنى الضيق (و التدين بغير العلم) يستند إلى معصوم شفاها أو بواسطة رواة ثقات (إذ كانوا داخلين في الدين، مقرين بجميع أموره على جهة الاستحسان) من غير حجة وبرهان، والظرف متعلق بالدخول والاقرار على سبيل التنازع. (و النشوء عليه) نشأ الصبي ينشأ نشا على فعل بتسكين العين ونشوء على فعول بضمتين وهمز اللام: إذا كبر وشب ولم يتكامل، قيل: في بعض النسخ «والنشق» قال الجوهري: «يقال رجل نشق إذا كان يدخل في أمور لا يكاد يتخلص منها» (و التقليد) القلادة هي التي في العنق وقلدت
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست