شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٤٥
المرأة فتقلدت هي، ومنه التقليد في الدين وتقليد الولاة الأعمال وتقليد الهدي وهو أن يعلق في عنقه شئ ليعلم أنه هدي (للآباء والأسلاف والكبراء) فقبلوا ما قبلوه وردوا ما ردوه من غير أن يتمسكوا في ذلك بمتمسك صحيح ومستند صريح كما هو المشاهد في أكثر هذه الأمة. ولو سئلتهم عن وجه ذلك لسكتوا بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون (و الاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها) يعني في أصول العقائد وفروعها كما هو شأن بعض الحكماء والمتكلمين وتابعيهما وبعض الفقهاء المتمسكين بالأدلة العقلية مثل الاستحسان والاستصحاب والمفهومات وغيرها.
(فاعلم يا أخي) شرع في الجواب عما سئله السائل بقوله: «هل يسع الناس» وما أشكاه عن شكايته لم يأت بما يزيلها لأن تلك الخصال الذميمة قد صارت في أكثر الناس كالطبيعة الثانية فلا بد للعاقل اللبيب أن يتجرع كأس الغصص ويصبر صبرا جميلا (إن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة) بكسر الخاء للنوع والحالة (منفصلة) أي متميزة (عن البهائم في الفطن) جمع الفطنة وهي الفهم والذكاء رجل فطن وفطن ذكي فهيم، وفي بعض النسخ «في الفطر» بالراء جمع الفطرة وهي الخلقة من الفطر بمعنى الايجاد كالخلقة من الخلق في أنها اسم للحالة ثم جعلت إسما للخلقة القابلة لدين الحق على الخصوص، وعليه الحديث المشهور «كل مولود يولد على الفطرة» إسما لملة الإسلام نفسها لأنها حالة من أحوال صاحبها وعليه قوله (عليه السلام) «قص الأظفار من الفطرة» كذا في المغرب، وقد يرجح هذا على ما في الأصل بأن الكلام في أصل الخلقة والفطنة من الأمور العارضة. (والعقول المركبة فيهم) بالجر عطف على الفطن يحتمل الرفع بالابتداء قال الجوهري: «تقول في تركيب الفص في الخاتم والنصل في السهم ركبته فتركب فهو مركب» (محتملة) بالنصب حال عن العقول على الأول وبالرفع خبر لها على الثاني (للأمر والنهي) بخلاف البهائم، إذ ليست لها فطانة وذكاء ولا عقول بل يتعلق بها نفوس حيوانية لحفظ التركيب والاغتذاء والنمو وتوليد المثل والاحساس والحركات الارادية.
(وجعلهم) بعد اشتراكهم في الفطن والعقول (صنفين صنفا منهم) بدل أو عطف بيان للمفعول الأول (أهل الصحة والسلامة) مفعول ثان، ومن قال: إن «صنفا منهم» منصوب على أنه بدل عن مفعول ثان لجعل وأورد على قوله «أهل الصحة والسلامة» بأنه لا محل له من الأعراب فقد أخطأ (وصنفا منهم أهل الضرر) الضر خلاف النفع والاسم الضرر وهو المشقة والضرير ذاهب البصر (والزمانة) هي آفة في الحيوانات ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة قيل: المراد أنهم ضراير وزمناء في الجوهر الباطني والأول إشارة إلى قصور القوة النظرية التي يقال لها العقل النظري، والثاني اختلال القوة العلمية التي يقال لها العقل العملي.
(٤٥)
مفاتيح البحث: النهي (1)، الشهادة (1)، الضرر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست