شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٤٢
عليه).
فقال (وصلى الله) عطف على قوله «الحمد لله» لأنه في قوة الجملة الفعلية أو على قوله «أحمد» (على محمد وأهل بيته) الطاهرين المعصومين جميعا وإن كان أهل البيت يطلق تارة على علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) (الأخيار) جمع الخير بالتشديد إذ الخير بالتخفيف اسم تفضيل لا يثنى ولا يجمع كما بين في موضعه (الذين أذهب الله عنهم الرجس) اللام إما للجنس أو للاستغراق (وطهره تطهيرا) اقتباس لقوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
* الأصل:
«أما بعد فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها ومباينتهم العلم وأهله، حتى كاد العلم معهم أن يأرز كله وينقطع مواده; لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل ويضيعوا العلم وأهله. وسألت: هل يسع الناس المقام على الجهالة والتدين بغير علم إذ كانوا داخلين في الدين مقرين بجميع أموره على جهة الاستحسان والنشوء عليه والتقليد للآباء والأسلاف والكبراء والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها؟ فعلم يا أخي رحمك الله إن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة منفصلة من البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم، محتملة للأمر والنهي وجعلهم جل ذكره صنفين: صنفا منهم أهل الصحة السلامة وصنفا منهم أهل الضرر والزمانة، فخص أهل الصحة والسلامة بالأمر والنهي بعدما أكمل لهم آلة التكليف ووضع التكليف عن أهل الزمانة والضرر إذ قد خلقهم خلقة غير محتملة للأدب والتعليم وجعل عز وجل سبب بقائهم أهل الصحة والسلامة وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم، فلو كانت الجهالة جائزة لأهل الصحة والسلامة لجاز وضع التكليف عنهم وفي جواز ذلك بطلان الكتب والرسل والآداب وفي رفع الكتب والرسل والآداب فساد التدبير والرجوع إلى قول أهل الدهر فوجب في عدل الله عز وجل وحكمته أن يحض من خلق من خلقه خلقة محتملة للأمر والنهي لئلا يكونوا سدى مهملين، وليعظموه يوحدوه ويقروا له بالربوبية وليعلموا أنه خالقهم ورازقهم، إذ شواهد ربوبيته دالة ظاهرة و حججه نيرة واضحة وأعلامه لائحة، تدعوهم إلى توحيد الله عز وجل وتشهد على أنفسها لصانعها بالربوبية والالهية، لما فيها من آثار صنعه وعجائب تدبيره، فندبهم إلى معرفته لئلا يبيح لهم أن يجهلوه ويجهلوا دينه وأحكامه لأن الحكيم لا يبيح الجهل به والانكار لدينه، فقال جل ثناؤه: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق) وقال (بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) فكانوا محصورين
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست