شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٥
منورة موضع النور وهي ما يوضع فوقه السراج وقياسها في الجمع مفاعل كمناور ومنائر بقلب الواو همزة تشبيها للأصلي بالزائد كما قالوا مصائب في مصاوب. وفي بعض النسخ «منار» وهي جمع منارة أيضا على غير القياس، ثم استعير للأوصياء (عليهم السلام) لأنهم محال للأنوار العقلية، وبهم يستبين حقائق الدين ويستنير قلوب العارفين كما أن المشبه به للأنوار الحسية، ورفع الأعلام عبارة عن نصب الأدلة الدالة على خلافتهم وإمامتهم: (لكيلا يضلوا من بعده) أي دلهم على كذا وكذا لكيلا يضلوا من بعده على طريق الحق بالاقتداء بآثارهم والاهتداء بأنوارهم (وكان به رؤفا رحيما) الرأفة أشد الرحمة والواو للعطف على الأفعال المتقدمة، أو للحال عن المستكن فيها أو عن البارز في «يضلوا».
* الأصل:
«فلما انقضت مدته، واستكملت أيامه، توفاه الله وقبضه إليه وهو عند الله مرضي عمله، وافر حظه، عظيم خطره، فمضى (صلى الله عليه وآله) وخلف في أمته كتاب الله ووصيه أمير المؤمن وإمام المتقين صلوات الله عليه، صاحبين مؤتلفين، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الإمام عن الله في الكتاب بما أوجب الله فيه على العباد من طاعته، وطاعة الإمام وولايته، وواجب حقه الذي أراد من استكمال دينه، وإظهار أمره، والاحتجاج بحججه، والاستضاءة بنوره في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته، فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله) عن دينه وأبلج بهم عن سبيل مناهجه وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه وجعلهم مسالك لمعرفته ومعالم لدينه حجابا بينه وبين خلقه والباب المؤدي إلى معرفة حقه، وأطلعهم على المكنون من غيب سره».
* الشرح:
(فلما انقضت مدته واستكملت أيامه توفاه الله وقبضه إليه) تفصيل لقوله: «ودلهم - آخره -» والعطف للتفسير، قال الجوهري: «توفاه الله أي قبض روحه، والوفاة الموت» (وهو عند الله مرضي عمله وافر حظه عظيم خطره) أي قدره ومنزلته، والواو للحال عن مفعول «توفاه» (فمضى (صلى الله عليه وآله) وخلف في أمته كتاب الله ووصيه أمير المؤمنين وإمام المتقين صلوات الله عليه) تصريح لما علم سابقا ولذلك صح التفريع، قال الجوهري: «خلف فلان فلانا إذا كان خليفته في قومه ومنه قوله تعالى:
(يا هارون اخلفني في قومي) وقال المطرزي في المغرب: «خلفته خلافة كنت خليفته» وقال القاضي: الخليفة من يخلف عيره وينوب منابه; والهاء للمبالغة، والأنسب بالنظر هذه المعاني أن مفعول خلف محذوف وهو الضمير العائد إليه (صلى الله عليه وآله) والواو للحال بتقدير «قد» و «كتاب الله» وما عطف عليه فاعله، ويجوز أن يقرأ «خلف» بتشديد اللام ويجعل الواو للعطف; أي وجعلهما خليفته في أمته ليقطع أعذارهم في ترك دين الحق ورفض العمل بما فيه بفقدهم من يرجعون إليه من التوقيف على
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست