شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٣٨
معرفة الله بما يليق به ومسالكها بأمر الله عز شأنه ومن رجع إليهم يتنور ذهنه بنور المعرفة وضوء الايمان ومن أعرض عنهم يتحير قلبه في تيه الجهالة وظلمة الكفران. (ومعالم لدينه) الناس بتعليمهم يعلمون أطوار الطريقة وبتفهيمهم يفهمون أسرار الشريعة (وحجابا بينه وبين خلقه) الحجاب بالضم والتشديد جمع حاجب السلطان وهو الذي يمنع من شاء من الدخول عليه ويأذن من شاء ولا يمكن الوصول إلا بالرجوع إليه والتمسك به وهم (عليهم السلام) كذلك بالنسبة إلى السلطان الأعظم جل شأنه (والباب المؤدي إلى معرفة حقه) الباب جنس يصدق على الكثير وبهذا الإعتبار صح حمله على الجمع.
وتوضيح المرام في هذا المقام: أن حقوق الله على عباده كثيرة وهي مدينة ليس فيها إلا الحق ولا يدخلها إلا أهل الحق، وتلك الحقوق أشرف وأعظم من أن ينالها العقول البشرية بذاتها ويدركها باستقلالها; لخفاء طرقها ودقة مسالكها فربما يقع في الخيال مثلا التماثل بينه تعالى وبين المخلوقات ويجري عليه أحكام الأجسام والجسمانيات كما ترى في كثير من المبتدعة، ولذلك جعل الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله) مدينة تلك الحقوق وعليا وأوصياءه (عليهم السلام) بابها كما يدل عليه «أنا مدينة العلم وعلي بابها» وهو في الحقيقة باب الجنة وباب الرحمة وباب السعادة، فمن عكف على سدنته فقد رشد، ومن أعرض عنه فقد هلك وقد فسد.
(أطلعهم على المكنون من غيب سره) أطلعهم إما بتخفيف الطاء من قولك أطلعت على سري إذا أظهرته له ووقفته عليه، وإما بتشديدها من قولك اطلعت على باطن أمره بمعنى أشرفت عليه، فلا يناسب المقام لأنه لازم والمقصود أنهم (عليهم السلام) لم يكونوا مقصورين على العلم بظاهر الشريعة بل أطلعهم الله سبحانه على أسرار مكنونه في لوح التصوير مكتوبة بقلم التقدير، غايبة عن بصائر الخلائق، مستورة عن ضمائر أرباب العلائق والعوائق وهم قد كانوا يظهرون بعضها لبعض إن وجدوه أهلا ويخفونها من غير أهله إذ كانوا أطباء النفوس يتكلمون الناس بقدر عقولهم ومن ثم قال سيد الوصيين أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد أشار بيده إلى صدره «إن ههنا لعلوما جمة لو وجدت لها أهلا».
* الأصل:
«كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما بينا، وهاديا نيرا. وإماما قيما، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد، ويستهل بنورهم البلاد، وجعلهم الله حياة للأنام ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام ودعائم للاسلام وجعل نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما علم والرد إليهم فيما جهل، وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون ومنعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست