شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٩٥
متقدما عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث (عليهما السلام) قتله المتوكل لأجل التشيع (لأبي الحسن (1) (عليه السلام) لماذا بعث الله موسى بن عمران) في «ماذا» ثلاثة أوجه الأول أن يكون مجموعه بمعنى أي شئ والثاني أن يكون «ما» بمعنى أي شئ «وذا» زائدة، والثالث أن يكون «ما» بمعنى أي شئ و «ذا» موصولة بمعنى الذي، وهو على جميع هذه التقادير سؤال عن سبب اختصاص كل نبي من الأنبياء (عليهم السلام) بإعجاز مخصوص (بالعصا ويده البيضاء) (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين) (وآلة السحر) من باب عطف العام على الخاص، والمراد بها ما يناسب السحر ويشبه عند القاصرين مثل الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمسة والجدب في نواديهم والنقصان في مزارعهم، والسحر في اللغة ما دق مأذه ولطف سواء كان مذموما شرعا أو عقلا أو ممدوحا ومنه قوله (عليه السلام): «إن من البيان لسحرا» قيل: هذا يحتمل المدح والذم، المدح من حيث أن صاحبه قادرا على استمالة القلوب بحسن عبادته ولطف دلالته وإفصاح مرامه وإبلاغ كلامه، والذم من حيث أنه قادر على تحسين القبيح وتقبيح الحسن وفي الاصطلاح قيل: هو أمر خارق مسبب عن سبب يعتاد كونه عنه فيخرج المعجزة والكرامة لأنهما لا يحتاجان إلى تقديم أسباب وآلات وزيادة اعتمال بل إنما تحصلان بمجرد توجه النفوس الكاملة إلى المبدء جل شأنه، وأيضا الاعجاز يتحقق عند التحدي دون السحر.
وقيل: هو كلام يتكلم به أو يكتبه أو رقية أو عمل شئ يؤثر في بدن المسحور أو عقله أو قلبه من غير مباشرة، ومنه عقد الرجل عن زوجته وإلقاء العداوة والبغضاء والتفرقة بينهما وذهب أكثر الأصحاب وبعض العامة إلى أنه لا حقيقة له وإنما هو تخيل محض وتوهم صرف ولا تأثير له أصلا ولا مستند لهم يعتد به على أن التأثير بالوهم يتم لو سبق للمسحور علم بوقوعه وقد يجد أثره من لا يشعر به أصلا، والظاهر أن له حقيقة في نفس الأمر كما دل عليه ظواهر القرآن والأخبار وذهب إليه أكثر العامة وبعض الأصحاب وإليه ميل الشهيد الثاني ومن شاهد من الأجسام ما هو قتال كالسموم وما هو مسقم كالأدوية الحارة مثلا وما هو مصحح كالأدوية المضادة للمرض لا يبعد في عقله أن يكون تركيب مخصوص في الكلام وتلفيق معين في الكلمات وهيئة مخصوصة في العقود ونحوهما مما يؤدي إلى الهلاك والتفرقة أو السقم أو اختلال الحال إلى غير ذلك من المفاسد وأن ينفرد الساحر بعلم ذلك كما ينفرد صاحب التجربة بخواص الدواء (وبعث عيسى (عليه السلام) بآلة الطب) أي بما يشبه بها من

1 - ذكرنا في حواشي كتاب الوافي (صفحة 33 وما بعده) ان المسؤول هو أبو الحسن الثالث أعني الهادي (عليه السلام) وذكرنا هناك وجهه ومن الناس من نسب الحديث إلى الرضا (عليه السلام) وهو خطأ ورأيت بعد ذلك من نسبه الكاظم وهو أخطأ لعدم علم قائله بالرجال وعدم تدبره (ش).
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»
الفهرست