شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
إبراء الأكمه والأبرص وأنواع الأمراض المزمنة وإحياء الموتى. والطب بالحركات الثلاث والكسر أشهر وهو في اللغة الحذاقة وكل حاذق طبيب عند العرب وفي الاصطلاح علم تعرف به أحوال بدن الإنسان من حيث الصحة والفساد والغرض منه حفظ الصحة وإزالة المرض.
(وبعث محمدا صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء بالكلام والخطب) يحتمل أن يراد بالكلام القرآن الكريم البالغ في الفصاحة والبلاغة حد الاعجاز الخارج عن قدرة البشر وبالخطب الكلام النبوي المشتمل على غاية الفصاحة والبلاغة بحيث لا يدانيه كلام أحد من البلغاء ولا تركيب أحد من الخطباء والفصحاء، ويحتمل أن يكون العطف لتفسير الكلام ويراد به الجنس (فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله لما بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر) كما (قالوا أرجه وأخاه وابعث في المداين حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) (فأتاهم من عند الله لم بما يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم) كما قال سبحانه (فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون * فالقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون) لعلمهم بأن ما جاؤوا به من التمويهات النفسانية والتدليسات الشيطانية والصناعات الانسانية وما جاء به موسى (عليه السلام) من المعجزات الربوبية والبراهين الملكوتية والعنايات الإلهية فوقع الحق في قلوبهم وثبت الايمان في صدورهم وتقرر الايمان في نفوسهم حتى لم يبالوا بلومة اللائمين ووعيد الظالمين بالقتل والصلب وقالوا (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) وإذا وقعت الغلبة على الماهرين في جنس ما كانوا على قادرين وهم أذعنوا بها وجب على ضعفاء العقول اتباعهم على أنا نعلم قطعا أن الله سبحانه يلقي في قلوبهم عند ذلك أنه إعجاز تكميلا للحجة عليهم وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة كما يرشد إليه قول الصادق (عليه السلام) «ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أم تركه وذلك أن الله يقول في كتابه (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)» (1).
(وإن الله تعالى بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات) جمع الزمانة وهي آفة في الحيوانات، ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة وفي المغرب الزمن الذي طال مرضه زمانا (واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله) أي بما عجزوا عن الاتيان بمثله فإن ما جاء به (عليه السلام) هو إزاحة الزمانات وإزالة الأمراض والآفات بمجرد القوة الروحانية وتوجه نفسه القدسية، وطلب ذلك من الله تعالى من غير فتش أسباب الأمراض واستعمال الأدوية المناسبة لها

1 - سيأتي في كتاب الايمان والكفر ان شاء الله.
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»
الفهرست