والعمل بما يقصد به العمل إذ هو شامل للحكمة النظرية بأقسامها أعني علم ما بعد الطبيعة وعلم الرياضي وعلم الطبيعي وللحكمة العملية بأقسامها أعني تهذيب الأخلاق وتدبير المنازل وسياسات المدن والظاهر أنه لا مدخل لأصول الرياضي في الدين والشارع لا يرغب فيها، وهي علم الهندسة الباحث عن المقادير وأحكامها ولواحقها وعلم الحساب الباحث عن أحوال العدد وخواصه، وعلم النجوم الباحث عن اختلاف أوضاع الأجرام العلوية بنسبة بعضها إلى بعض وبالنسبة إلى الأجرام السفلية وعن مقادير تلك الأجرام وأبعادها (1).
وعلم التأليف الباحث عن أحوال المؤلفة، وعلم الموسيقى الباحث عن تناسب الأصوات بعضها ببعض وكمية زمان سكناتها وحركاتها وكيفية إخراجها عن مواضعها، وكذا لا مدخل لفروعها فيه، مثل علم المناظر والمرايا وعلم الجبر والمقابلة وعلم جر الأثقال، وكذا لا مدخل فيه لأصول الطبيعي الباحثة عن الزمان والمكان والحركة والسكون والنهاية واللانهاية وعن الأجسام البسيطة والمركبة وكيفية حدوث الحوادث الهوائية والأرضية وعللها مثل الصاعقة والمطر والرعد والبرق والزلزلة وأمثالها، وكذا لا مدخل لفروعها فيه مثل الطب والفلاحة وغيرهما. والهوى مصدر هواه إذا أحبه واشتهاه ثم سمي به الهوى المشتهى محمودا كان أو مذموما ثم غلب على المذموم والمراد به هنا المعنى المصدري أعني اتباع المهويات الذميمة واقتفاء المشتهيات القبيحة. ووجه كون الحكمة من جنود العقل وأعوانه والهوى من جنود الجهل وأنصاره ظاهر إذ بالحكمة (2) يتنور قلب العاقل حتى يفهم المشروعات والمحظورات والمستحيلات ويبصر المقاصد الشرعية ويهتدي إلى وجوه المصالح الدنيوية والاخروية ويحصل له بذلك من القول والفعل والعقل حالة وثيقة وملكة شريفة لا