ترجع إلى فقرة واحدة أعني العبادة وضدها الإضاعة (1) والله اعلم.
(وصون الحديث وضده النميمة) نم الحديث ينمه وينمه بالضم والكسر نما أي قته والاسم النميمة والرجل نام ونم ونمام أي قتات للمبالغة والقتات من قتت الحديث إذا سمعته وجمعته وكذلك فعل النمام، وقال في النهاية: النميمة نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الافساد والشر، ومثله قال المازري وعلى هذا هذه الفقرة أخص من الكتمان والافشاء لأن الكتمان أعم من صون الحديث وغيره والافشاء أعم من نقل الحديث وغيره، وقال الغزالي: النميمة كشف ما يكره كشفه من قول أو فعل كرهه المنقول عنه أو إليه أو ثالث وعلى المنقول إليه أن لا يصدق الناقل لأنه فاسق وأن ينهاه لأن نهيه من النصيحة وأن يبغضه لأنه مبغض عند الله ويجب بغض من يبغضه الله سبحانه وأن لا يظن بالمنقول عنه شرا وأن لا يجسس عليه ولا يحكى ما نقل عنه لأنه يصير نماما، وحكمها الحرمة لتضمنها مفسدة عظيمة من التباغض والتباعد والتفارق وكسر عرض المؤمن وقد يؤدي إلى سفك الدماء ونهب الأموال ونحوها إلا أن تتضمن مصلحة شرعية فلا تمنع كإخبار الإمام عمن يريد أن يوقع فسادا وإخبار الرجل عمن يريد أن يفتك به أو بأهله أو بماله وقد يجب ذلك بحسب المواطن إلا أنها حينئذ ليست بنميمة وقد ورد الروايات على ذم النمام منها ما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «محرمة الجنة على القتاتين (2) المشائين بالنميمة» (3).
(وبر الوالدين وضده العقوق) قال في النهاية: البر بالكسر الاحسان منه الحديث في بر الوالدين وهو في حقهما وحق الأقربين من الأهل ضد العقوق وهو الإساءة والتضييع لحقهم يقال بر يبر فهو بار وجمعه بررة وجمع البر أبرار وهو كثيرا ما يخص بالأولياء والزهاد والعباد، وعق والده يعقه عقوقا فهو عاق إذا آذاه وعصاه وخرج عليه وأصله من العق وهو الشق والقطع وقد ورد من طرق الخاصة والعامة أن عقوق الوالدين من كباير الذنوب فالبر بحكم التضاد من عظايم الحسنات، ومن برك بهما أن تحسن صحبتهما وتقضى ديونهما، وتعينهما على فعل الخيرات، وتفعل ما يسرهما وتترحم عليهما، وتوصل ما أمكن من الخيرات إليهما، ولا تكلفهما سؤال شئ مما يحتاجان إليه، ولا