وكان رسولا نبيا» وقيل، معناه إن العاقل لا يعد أمرا من الأمور حتى يعلم أنه قادر على إتمامه والبلوغ إلى غايته.
وكأنه قرأ يعد بشد الدال من الإعداد والظاهر أنه تصحيف (ولا يرجوا ما يعنف برجائه) التعنيف اللوم والتعيير والرجاء هي الصورة الحاصلة في النفس من تقدير شئ وتصويره فيها وأكثره ينشأ من تخمين بلا روية، وفي النهاية الرجاء هي التوقع والأمل والمراد به هنا طلب رجل ما لا يستحقه ولا يليق بحاله كما هو من بضائع النوكى (1) وشرايع الحمقى، مثل أن يطلب الفقير الخمول السلطنة والجاهل الغبي التطلع بالأسرار اللاهوتية ويدعي المبتدىء في العلم رتبة الاستادين الكاملين ورجاء أمثال ذلك من لوازم الجهالة ولواحق الغباوة لامن صفة العلماء وسمت العقلاء فإن العاقل العالم لإنارة قلبه وإضاءة ذهنه وانفتاح عين بصيرته له حاجز عن ذلك ونور يستبين به العواقب ويترك به القبايح ويجتنب عن رجاء ما لا يليق به وينزل نفسه في مكانه ويطلب الأشياء في مظانها «رحم الله عبدا عرف قدره فلم يجاوز طوره» (لا تقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه) قرء بعض العلماء قوته بالقاف المضمومة وتشديد الواو، وقال: أي على قوته فالنصب على نزع الخافض، والنسخ التي رأيناها بالفاء المفتوحة والواو الساكنة يعني أن العاقل لا يقدم على فعل ليس في وسعه ولا يرتكبه تحرزا عن لحوق اللوم بسبب العجز عنه رأسا أو بسبب العجز عن الاتيان به على وجه الكمال وكذا لا يقدم على قول وفعل في غير وقتهما لأنه يعلم أن الأشياء مرهونة بأوقاتها ومن أقدم عليهما في غيرها عجز عنهما (2) وأذل نفسه، وقال الصادق (عليه السلام): «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل له: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض لما لا يطيق» (3) وفي رواية أخرى (4) عنه (عليه السلام) قال:
«يدخل فيما يتعذر منه». (5)