شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٢٤
الأصول كفر بخلاف التقليد فإنه أسلم لعدم مشاهدة المقلد تلك الشبهات فوجب لوجوب الاحتراز عن مظنة الضلالة إتفاقا. والجواب أنه إن أريد بالتقليد تقليد أهل العصمة (عليهم السلام) فلا ينبغي النزاع فيه إلا أن ذلك لا يسمى تقليدا ولكن لا مشاحة في الاصطلاح. وإن أريد به مطلقا ففيه أن المظنة أي مظنة الضلالة تجري في التقليد أيضا لأن المقلد إما يقلد ناظرا أو مقلدا آخر فعلى الأول يلزم المحذور المذكور وهو الوقوع في الضلالة مع زيادة وهي احتمال كذب الناظر في صدور النظر منه، وعلى الثاني فاما أن لا ينتهي سلسلة التقليد إلى ناظر فيلزم التسلسل وهو باطل أو ينتهى فيلزم ذلك المحذور مع احتمال كذب ذلك الناظر بخلاف ما إذا كان هو ناظرا بنفسه فإنه لا يجرى فيه هذا الاحتمال لأن الإنسان عالم بما أدى إليه نظره فالتقليد أولى وأجدر بأن يكون حراما (وقال مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء) هذه الآية في القرآن متصلة بالآية السابقة ولما ذم الكفرة في الآية السابقة بسبب التقليد لآبائهم وعدم متابعتهم لما أنزل الله وعدم التدبر والنظر فيه ضرب لهم مثلا متضمنا لتشبيههم بالبهائم في عدم فهم المقصود من الخطاب توضيحا لسوء حالهم.
فإن قلت: الذين كفروا هم المدعوون إلى دين الحق والذي ينعق هو الداعي للبهائم فلا مطابقة بين المشبه والمشبه به؟ قلت: للناظرين في هذه الآية اختلاف في تفسيرها وحلها، فمنهم من قدر مضافا ومنهم من حملها على ظاهرها، فأما الذين قدروا مضافا فمنهم من قدره في جانب المشبه وقال تقديره ومثل داعي الذين كفروا وهو الرسول ومن يحذو حذوه في إلقاء الخطاب إليهم وعدم فهمهم لما هو المقصود منه وعدم استبصارهم به لانهماكهم في التقليد واستحسانهم دين آبائهم كمثل داعي البهائم الذي ينعق بها وهي لا تسمع إلا دعاءه ونداءه الذي هو تصويت بها ولا تقف على شئ آخر فقد شبه الكفرة المقلدين في عدم فهمهم لما يسمعون من الرسول بالبهائم التي تسمع الصوت من الراعي ولا تفهم معناه، ومنهم من قدره في جانب المشبه به وقال: تقديره كمثل بهائم الذي ينعق، ومعناه مثل الذين كفروا في عدم فهم ما ألقى إليهم من الخطاب كمثل بهائم الراعي الذي يتصوت بها فتسمع الصوت ولا تعرف مغزاه، وتحس بالنداء ولا تفهم معناه والمعنيان متقاربان أو معناه ومثلهم في اتباعهم آباءهم والتقليد لهم على ظاهر حالهم وعدم فهمهم أهم على حق أم على باطل كمثل بهائم الراعي التي لا تسمع ألا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست