شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٠٦
لفسدتا) وفي الآية تنبيه على شرف علم الكلام وأهله وحث على البحث والنظر فيه. اه‍. وقيل:
الأحق بذلك هو العلم الذي فوق الطبيعة وهو الحكمة الالهية الحقة.
(يا هشام قد جعل الله ذلك) أي المذكور من الآيات ومثلها أو مضمونها فان مضمونها مذكور تفصيلا في الآيات الآتية (دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا) لأنهم إذا تأملوا فيها ونظروا إليها بعين البصاير واعتبار الضمائر علموا أن لهم خالقا خبيرا وصانعا بصيرا خلقهم بعمد وتقدير، وصنعهم بقصد وتدبير، وخلق لهم جميع ما يصلح لانتفاعهم وينفعهم في وجودهم وبقائهم كما يظهر بعض ذلك مما ذكرناه آنفا. (فقال: وسخر لكم الليل والنهار) بأن قدرهما لمنافعكم وهيأهما مخصوصا لمصالحكم، وجزء الزمان بهما لصلاح بالكم ونظام حالكم فصارا يتعاقبان تعاقبا مخصوصا ويتبادلان تبادلا معلوما، لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله، ومتى نظر فيه اللبيب البصير دله إلى وجود الصانع العليم الخبير، وقيل: وجه دلالتهما عليه أنهما أجزاء الزمان الواحد المتصل، والزمان مقدار حركة دورية غير مستقيمة، فالحافظ لها لا بد أن يكون جسما كرويا إبداعيا وهو السماء فدل وجودهما على وجود السماء، والسماء دل على وجود خالق الأشياء لأن السماء ممكنة مفتقرة العلة وعلتها ليست مادتها ولا صورتها ولا نفسها ولا جسم آخر حاويا أو محويا فتتعين أن يكون خارجا عن الكون والمكان وهو المطلوب. وفيه: أن هذا على تقدير تمامه مبني على مقدمات كثيرة كلامية وليس هذا المقام موضع ذكر أمثال هذا الكلام (والشمس والقمر) سخر الشمس بأن جعلها ضياء وأمرها بالارتفاع والانحطاط والسير في البروج لإقامة الفصول وتربية البقول وتنمية الحيوان والأشجار وتقوية الفواكه والأثمار إلى غير ذلك من المنافع التي يعجز عن ذكرها القلم واللسان ولا يحيط بها الوصف والبيان ولو سارت دائما على مدار واحد لأحرقت ما تحته وما يليه وفات أثرها فيما لا يدانيه، ولم يتحقق الفصول الأربعة، ومنافعها المذكورة في الكتب مع أن المذكور منها ليس إلا قليل من كثير. وسخر القمر بأن جعله نورا يستضيء به المسافرون في قطع المفاوز، ويستعين به العاملون في حرث الزرع وضرب اللبن وقطع الخشب ونحو ذلك. وسائرا في منازله المعروفة ليكون أثره في أقطار الأرض وفيضه على أهاليها على السواء ولغير ذلك من المنافع الغير المحصورة ومختلفا في أحواله من الزيادة والنقصان والمحق والخسوف والوجود غالبا في بعض الليل دون بعض ليعلموا به عدد الشهور والسنين والحساب ولئلا ينبسطوا في العمل والسير لشدة الشره والحرص مثل انبساطهم بالنهار ويمتنعوا من الهدء والقرار فيهلكهم ذلك، ولغير ذلك من المنافع التي يعلمها أرباب البصائر الثاقبة وأصحاب الضمائر النافذة، ويحكمون بأنها من لدن حكيم خبير فسبحان من نور بهما الظلم، وأوضح بهما البهم، وجعلهما آيتين من آيات ملكه، وعلامتين من
(١٠٦)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست