شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٩٦
وبعضها عرضي وعلى تجزئتها بممثلات ومتممات وحوامل، وخوارج المراكز والتداوير كل ذلك على أنحاء مخصوصة وأوضاع معلومة لأغراض مقصودة بعضها جلي وبعضها خفي (والأرض) على حجمها وثقلها ورسوبها في الماء وانكشاف بعضها ليكون مسكنا للحيوانات البرية وعلى سعتها وسكونها وتوسطها بين الصلابة والرخاوة لتكون مأوى أنواع الوحوش ومسكن أصناف الناس ومزارعهم ومنابت أخشابهم وأحطابهم ولا يكونوا بمنزلة المتحصنين في حصار ضيق. وليتمكنوا من السعي فيها في مآربهم والجلوس فيها والنوم عليها والاتقان لأعمالهم فإنها لو كانت متحركة رجراجة (1) لم يتمكنوا التعيش فيها كما نشاهد ذلك فيما يصيبهم حين الزلازل على قلة مكثها وليتمكنوا من الزرع فيها والبناء عليها والمشي فيها ويسهل خروج النبات والأشجار. فإنها لو كانت شديدة الصلابة مثل الحجر أو شديدة الرخاوة مثل الماء لما أمكن شئ من ذلك، وعلى ما فيها وما عليها من المياه والجبال والمعادن مثل الياقوت والزبرجد والفيروزج والذهب والنحاس والحديد وغيرها كل ذلك لمنافع الخلق التي يعجز الوصافون عن توصيفها وتحديدها وعلى كرويتها الموجبة لاختلاف الآفاق والطوالع والمطالع والتعديلات والطلوع والغروب مستويا ومعكوسا واختلاف أهوية الأقاليم الموجبة لاختلاف أمزجة سكانها واختلاف أحوالهم وأخلاقهم وألوانهم، وقيل: إنما جمع السماء وأفرد الأرض لأن كل سماء جنس آخر بخلاف الأرض فانها جنس واحد.
كتاب العقل والجهل (واختلاف الليل والنهار) أي تعاقبهما على النظام المشاهد من الخلقة بالكسر وهي أن يذهب أحدهما ويجيء الآخر خلفه وبه فسر قوله تعالى «وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة» ومنه قولهم:
واختلفا ضربة أي ضرب كل واحد منهما صاحبه على التعاقب، أو اختلافهما في النور والظلمة، أو في الزيادة والنقصان ودخول أحدهما في الآخر على سبيل التدريج حتى يبلغ كل واحد منهما منتهاه في الزيادة والنقصان وهي خمس عشر ساعة تقريبا أو في الطول والقصر والحر والبرد باعتبار العروض وأهويتها فان العروض الشمالية كلما كانت أكثر كان قوس النهار أطول وقوس الليل أقصر فيكون النهار أطول من الليل بقدر ضعف تعديل النهار، والعروض الجنوبية بعكس ذلك واختلاف كل واحد منهما بحسب الأمكنة فان الأرض لما كانت كروية فأية ساعة فرضت من النهار فهي صبح لموضع وظهر لآخر وعصر لثالث ومغرب لرابع، وقس على هذا ولاختلافهما فوائد ومنافع للخلق فإنه لو كان الليل أو النهار سرمدا إلى يوم القيامة أو كان مقدار النهار مائة ساعة أو مائتي ساعة أو أكثر كما في عرض تسعين - فان هناك مدة كل منها ستة أشهر كان في ذلك بوار كل ما في الأرض من حيوان

1 - الرجرجة: الاضطراب.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست