شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٩٥
الناس أمكن أن يراد بالأدلة معصومون المطهرون (عليهم السلام).
(فقال وإلهكم إله واحد) أي مستحق العبادة منكم واحد لا شريك له يصلح أن يعبد ويسمى إلها. قيل: وحدة الشئ ما يوجب عدم انقسامه من جهة اتصافه بها، فكل موجود متصف بها فإن الرجل الواحد مثلا يستحيل أن ينقسم إلى رجلين وإن أمكن أن ينقسم من وجوه أخر وقيل: هي وجوده الخاص الذي به يوجد، ووحدته تعالى لما لم تكن مقيدة بجهة دون أخرى بل هو متصف بها من جميع الجهات كانت وحدته راجعة إلى أنه بسيط في الذات يعني أن ذاته غير مؤلفة من الأجزاء أصلا; وإلى إنه فرد لا شريك له في الوجود الذاتي والالهية، وإلى أنه واحد في أفعاله لا شريك له في المبدئية وفي انتساب جميع الكائنات إليه إما بلا واسطة أو بواسطة، وإلى أنه واحد في صفاته لان صفاته عين ذاته، وبالجملة عالم الالهية والوجوب الذاتي يتأبى عن تحقق الكثرة فيه ذاتا وصفة والشركة والكثرة إنما يتحقق في عالم الأمكان فمن قال بوقوع الكثرة في ذلك العالم كان ذلك لقصور بصيرته وعدم تميزه بين عالم الأمكان وعالم الوجوب (لا إله إلا هو) قال القاضي وغيره: هذا تقرير للوحدانية وإن أحدا لا يتوهم أن في الوجود إلها ولكن لا يستحق منهم العبادة، وتوضيحه أنه لما قال «وإلهكم إله واحد» ومعناه أن مستحق العبادة منكم واحد أمكن أن يتوهم أحد ويقول: إلهنا إله واحد يستحق العبادة منا فلعل في الوجود إلها غير إلهنا لا يستحق العبادة منا، فأزال هذا الوهم ببيان التوحيد المطلق حيث نفى مهية الإله وأثبت فردا منها فعلم أنه لا وجود لها إلا في هذا الفرد وهو التوحيد التام (الرحمن الرحيم) أي المعطي لجميع النعم الدنيوية والاخروية، فهذا كالبرهان لما مر من أنه يستحق العبادة دون غيره; لأنه لما كان هو المعطي للنعم كلها أصولها وفروعها في الدنيا والآخرة وما سواه إما نعمة أو منعم كانت الالهية واستحقاق العباة منحصرة فيه لا توجد في غيره أصلا. قيل:
كان للمشركين حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما فلما سمعوا بهذه الآية تعجبوا وقالوا إن كنت صادقا فأت بآية نعرف بها صدقك فنزلت (إن في خلق السماوات) على مقادير متفاوتة وأبعاد مشاهدة في البعد البعيد لما في قربها من تحير الأبصار بمشاهدة شعاع الكواكب وسرعة دورانها كما يشاهد ذلك من البروق المتوالية المضطربة في الجو ومن المصابيح المتكثرة التي تدور حول أحد دورانا حثيثا فإنها تحير بصره حتى يتحير لوجهه، وعلى إدارتها مثل الدولاب مع ما فيها من الشمس والقمر والنجوم الثوابت والسيارات على بسيط الأرض دائما بهذا التقدير المشهود والتأثير المعلوم لصلاح الأرض ومن عليها، من غير انثلام ولا انكسار مع كمال لطافتها وانشفافها وعلى حركات مختلفة في الكم والكيف والجهة فبعضها سريع وبعضها بطيء وبعضها شرقي وبعضها غربي وبعضها ذاتي
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست