وإذا جاز أن يغيب الله عز وجل اسمه الأعظم في الحروف المقطوعة في كتابه الذي هو حجته وكلامه، فكذلك جائز أن يغيب حجته في الناس عن عباده المؤمنين وغيرهم لعلمه عز وجل أنه متى أظهره وقع من أكثر الناس التعدي لحدود الله في شأنه فيستحقون بذلك القتل، فان قتلهم لم يجز وفي أصلابهم مؤمنون، وإن لم يقتلهم لم يجز وقد استحقوا القتل.
فالحكمة للغيبة في مثل هذه الحالة موجبة، فإذا تزيلوا ولم يبق في أصلابهم مؤمن أظهره الله عز وجل فخسف بأعدائه وأبادهم (1)، ألا ترى المحصنة إذا زنت وهي حبلى لم ترجم حتى تضع ولدها وترضعه إلا أن يتكفل برضاعه رجل من المسلمين، فهذا سبيل من في صلبه مؤمن إذا وجب عليه القتل لم يقتل حتى يزايله، ولا يعلم ذلك إلا من يكون حجة من قبل علام الغيوب، ولهذا لا يقيم الحدود إلا هو، وهذه هي العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام مجاهدة أهل الخلاف خمسا وعشرين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.
حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين ابن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الأول؟ قال: لآية في كتاب الله تعالى: " لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما "، قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟
قال: ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين.
وكذلك القائم عليه السلام لم يظهر أبدا حتى تخرج ودائع الله عز وجل فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله عز وجل فقتلهم.
حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي الله عنه قال: