وذكر أنه لما حوصر عثمان بن عفان في داره دعاني فدفع إلي كتابا ونجيبا وأمرني بالخروج إلى علي بن أبي طالب عليه السلام وكان غائبا بينبع في ضياعه وأمواله فأخذت الكتاب وسرت حتى إذا كنت بموضع يقال له: جدار أبي عباية فسمعت قرآنا فإذا أنا بعلي بن أبي طالب عليه السلام يسير مقبلا من ينبع وهو يقول: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون " فلما نظر إلي قال: يا أبا الدنيا ما وراءك؟
قلت: هذا كتاب أمير المؤمنين عثمان، فأخذه فقرأه فإذا فيه:
فان كنت مأكولا فكن أنت آكلي (1) * وإلا فأدركني ولما أمزق فإذا قرأه قال: بر سر (2) فدخل إلى المدينة ساعة قتل عثمان بن عفان فمال عليه السلام إلى حديقة بني النجار وعلم الناس بمكانه فجاؤوا إليه ركضا وقد كانوا عازمين على أن يبايعوا طلحة بن عبيد الله، فلما نظروا إليه ارفضوا إليه ارفضاض الغنم يشد عليها السبع، فبايعه طلحة ثم الزبير، ثم بايع المهاجرون والأنصار فأقمت معه أخدمه فحضرت معه الجمل وصفين فكنت بين الصفين واقفا عن يمينه إذا سقط سوطه من يده، فأكببت آخذه وأدفعه إليه وكان لجام دابته حديدا مزججا (3) فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدغي، فدعاني أمير المؤمنين عليه السلام فتفل فيها وأخذ حفنة من تراب (4) فتركه عليها فوالله ما وجدت لها ألما ولا وجعا، ثم أقمت معه عليه السلام وصحبت الحسن بن علي عليهما السلام حتى ضرب بساباط المدائن، ثم بقيت معه بالمدينة أخدمه وأخدم الحسين عليه السلام حتى مات الحسن عليه السلام مسموما، سمته جعدة بنت الأشعث ابن قيس الكندي لعنها الله دسا من معاوية.
ثم خرجت مع الحسين بن علي عليهما السلام حتى حضرت كربلاء وقتل عليه السلام وخرجت هاربا من بني أمية، وأنا مقيم بالمغرب أنتظر خروج المهدي وعيسى بن - مريم عليه السلام.