وهم بأمره عارفون وبولايته متمسكون ولدعوته منتظرون قبل إظهار دعوته، ومن قبل دلالته على نفسه حيث يقول: " ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " (1) وقال عز وجل حكاية عن شيعة: " قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا - الآية " (2) فأعلمنا الله عز وجل في كتابه أنه قد كان لموسى عليه السلام شيعة من قبل أن يظهر من نفسه نبوة، وقبل أن يظهر له دعوة يعرفونه ويعرفهم بموالاة موسى صاحب الدعوة ولم يكونوا يعرفون أن ذلك الشخص هو موسى بعينه، وذلك أن نبوة موسى إنما ظهرت من بعد رجوعه من عند شعيب حين سار بأهله من بعد السنين التي رعى فيها لشعيب حتى استوجب بها أهله فكان دخوله المدينة حين وجد فيها الرجلين قبل مسيره إلى شعيب، وكذلك وجدنا مثل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وقد عرف أقوام أمره قبل ولادته وبعد ولادته، وعرفوا مكان خروجه ودار هجرته من قبل أن يظهر من نفسه نبوة، ومن قبل ظهور دعوته وذلك مثل سلمان الفارسي - رحمه الله -، ومثل قس بن ساعدة الأيادي، ومثل تبع الملك، ومثل عبد المطلب، وأبي طالب، ومثل سيف بن ذي - يزن، ومثل بحيرى الراهب، ومثل كبير الرهبان في طريق الشام، ومثل أبي مويهب الراهب، ومثل سطيح الكاهن، ومثل يوسف اليهودي، ومثل ابن حواش الحبر المقبل من الشام، ومثل زيد بن عمرو بن نفيل، ومثل هؤلاء كثير ممن قد عرف النبي صلى الله عليه وآله بصفته ونعته واسمه ونسبه قبل مولده وبعد مولده، والاخبار في ذلك موجودة عند الخاص والعام، وقد أخرجتها مسندة في هذا الكتاب في مواضعها، فليس من حجة الله عز وجل نبي ولا وصي إلا وقد حفظ المؤمنون وقت كونه وولادته وعرفوا أبويه ونسبه في كل عصر وزمان حتى لم يشتبه عليهم شئ من أمر حجج الله عز وجل في ظهورهم وحين استتارهم، وأغفل ذلك أهل الجحود والضلال والكنود فلم يكن عندهم (علم) شئ من أمرهم، وكذلك سبيل صاحب زماننا عليه السلام حفظ أولياؤه المؤمنون من أهل
(٥٧)