الله إلي: يا محمد اخترتك من خلقي، واخترت لك وصيا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك وجعلته أبا لولدك فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك، فمن جحد حقه فقد جحد حقك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة، فخررت لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم علي، فإذا مناديا ينادى ارفع يا محمد رأسك، وسلني أعطك، فقلت: إلهي أجمع أمتي من بعدي على ولاية علي بن أبي طالب ليردوا جميعا علي حوضي يوم القيامة؟ فأوحى الله تعالى إلي يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم، لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء. وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك، عزيمة مني (لأدخل الجنة من أحبه و) لا ادخل الجنة من أبغضه و عاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه أبغضك، ومن أبغضك أبغضني، ومن عاداه فقد عاداك، ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبه فقد أحبك، ومن أحبك فقد أحبني، وقد جعلت له هذه الفضيلة، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول، وآخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى بن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرئ به من العمى، وأشفي به المريض، فقلت: إلهي وسيدي متى يكون ذلك؟ فأوحى الله عز وجل: يكون ذلك إذا رفع العلم، وظهر الجهل، وكثر القراء، وقل العمل، وكثر القتل، وقل الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة والخونة، وكثر الشعراء، واتخذ أمتك قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف، و اكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وصارت الامراء كفرة، وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة، وذوي الرأي منهم فسقة، وعند ذلك ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال
(٢٧٩)