أنت هشام؟ فقلت: لا، قال: فقال لي: أجالسته؟ فقلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قلت:
من أهل الكوفة قال: فأنت إذا هو، قال: ثم ضمني إليه فأقعدني في مجلسه، وما نطق حتى قمت، فضحك أبو عبد الله عليه السلام، ثم قال: يا هشام من علمك هذا؟ قال:
قلت: يا ابن رسول الله جرى على لساني، قال: يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى عليهم السلام.
قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: وتصديق قولنا إن الامام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه أنه ما عذب الله عز وجل أمة إلا وأمر نبيها بالخروج من بين أظهرهم كما قال الله عز وجل في قصة نوح عليه السلام " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول (1) " منهم وأمره الله عز وجل أن يعتزل عنهم مع أهل الايمان به ولا يبقى مختلطا بهم وقال عز وجل: " ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون (2) " وكذلك قال عز وجل في قصة لوط عليه السلام " فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك أنه مصيبها ما أصابهم (3) " فأمره الله عز وجل بالخروج من بين أظهرهم قبل أن أنزل العذاب بهم لأنه لم يكن عز وجل لينزل عليهم ونبيه لوط عليه السلام بين أظهرهم وهكذا أمر الله عز وجل كل نبي أراد هلاك أمته أن يعتزلها كما قال إبراهيم عليه السلام مخوفا بذلك قومه " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا * فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله (4) " أهلك الله عز وجل الذين كانوا آذوه وعنتوه وألقوه في الجحيم وجعلهم الأسفلين ونجاه ولوطا كما قال الله تعالى: " ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين (5) " ووهب الله (جلت عظمته) لإبراهيم إسحاق ويعقوب كما قال عز وجل: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين (6) ".