الحجة، وكذلك يجوز أن يستتر الامام المدة الطويلة إذا خاف ولا تبطل حجة الله عز وجل.
فان قالوا: فكيف يصنع من احتاج إلى أن يسأل عن مسالة؟ قيل له: كما كان يصنع والنبي صلى الله عليه وآله في الغار من جاء إليه ليسلم وليتعلم منه، فإن كان ذلك سائغا في الحكمة كان هذا مثله سائغا.
ومن أوضح الأدلة على الإمامة أن الله عز وجل جعل آية النبي صلى الله عليه وآله أنه أتى بقصص الأنبياء الماضين عليهم السلام وبكل عليم [من] توراة وإنجيل وزبور من غير أن يكون يعلم الكتابة ظاهرا، أو لقى نصرانيا أو يهوديا فكان ذلك أعظم آياته، وقتل الحسين بن علي عليهما السلام وخلف علي بن الحسين عليهما السلام متقارب السن كانت سنة أقل من عشرين سنة، ثم انقبض عن الناس فلم يلق أحدا ولا كان يلقاه إلا خواص أصحابه و كان في نهاية العبادة ولم يخرج عنه من العلم إلا يسيرا لصعوبة الزمان وجور بني أمية ثم ظهر ابنه محمد بن علي المسمى بالباقر عليه السلام لفتقه العلم (1) فأتى من علوم الدين و الكتاب والسنة والسير والمغازي بأمر عظيم، وأتى جعفر بن محمد عليهما السلام من بعده من ذلك بما كثر وظهر وانتشر، فلم يبق فن في فنون العلم إلا أتى فيه بأشياء كثيرة، و فسر القرآن والسنن، ورويت عنه المغزي وأخبار الأنبياء من غير أن يرى هو وأبوه محمد بن علي أو علي بن الحسين عليهم السلام عند أحد من رواة العامة أو فقهائهم يتعلمون منهم شيئا، وفي ذلك أدل دليل على أنهم إنما أخذوا ذلك العلم عن النبي صلى الله عليه وآله، ثم عن علي عليه السلام، ثم عن واحد واحد من الأئمة، وكذلك جماعة الأئمة عليهم السلام هذه سنتهم في العلم (2) يسألون عن الحلال والحرام فيجيبون جوابات متفقة من غير أن يتعلموا ذلك من أحد من الناس، فأي دليل أدل من هذا على إمامتهم وأن النبي صلى الله عليه وآله نصبهم وعلمهم وأودعهم علمه وعلوم الأنبياء عليهم السلام قبله، وهل رأينا في العادات