ولم يتعلق العقد بعينه كما سبق ذكره ولهذا قلنا له زرع مثله وما هو دونه في الضرر فإذا زرع حنطة فقد استوفى حقه وزيادة أشبه ما لو اكتراها إلى موضع فجاوزه، وقد ذكرنا قول أبي بكر ان له أجر المثل لأنه عدل عن المعقود فإن الحنطة ليست بشعير وزيادة، وإن قلنا إنه قد استوفى المعقود عليه وزيادة غير أن الزبادة ليست متميزة عن المعقود عليه بخلاف مسئلتي الخرقي، وقال الشافعي المكري مخير بين أخذ الكراء وما نقصت الأرض عما ينقصها الشعير وبين أخذ كراء مثلها للجميع لأن هذه المسألة أخذت شبها من أصلين (أحدهما) إذا ركب دابة فجاوز بها المسافة المشترطة لكونه استوفى المعقود عليه وزيادة (والثاني) إذا استأجر أرضا فزرع غيرها لأنه زرع متعديا فلهذا خيره بينهما ولأنه وجد سبب يقتضي كل واحد من الحكمين وتعذر الجمع بينهما فكان له أوفرهما وفوض اختياره إلى المستحق كقتل العمد، والأولى إن شاء الله قول أبي بكر فإن هذا متعد بالزرع كله فكان عليه أجر المثل كالغاصب ولهذا ملك رب الأرض منعه من زرعه ويملك أخذه بنفقته إذا زرعه، ويفارق من زاد على حقه زيادة متميزة في كونه لم يتعد بالجميع إنما تعدى بالزيادة فقط ولهذا لا يملك المكري منعه من الجميع، ونظير هاتين المسئلتين من اكترى غرفة ليجعل فيها أقفزة حنطة فجعل أكثر منها ومن اكتراها ليجعل فيها قنطار قطن فجعل فيها قنطار حديد ففي الأولى له المسمى وأجر الزيادة، وفي الثانية يخرج فيها من الخلاف كقولنا في مسألة الزرع وحكم المستأجر الذي يزرع أضر مما اكترى له
(٨٥)