إذا قلنا إن الهبة لا تلزم الا بالقبض لم يصح القبض إلا باذن الواهب لأنه قبض غير مستحق عليه ولأنه أمر تلزم به الهبة فلم يصح الا باذن الواهب كأصل العقد لأن قبضه مستدام فأغنى عنه الابتداء كما لو باعه سلعة في يده وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، فأما ما كان في يد المتهب كالوديعة والمغصوب فظاهر كلام أحمد أنها تلزم من غير قبض ولا مضي مدة يتأتى فيها القبض فإنه قال في رواية ابن منصور إذا وهب امرأته شيئا ولم تقبضه فليس بينه وبينها خيار هي معه في البيت فظاهر هذا أنه لم يعتبر قبضا ولا مضي مدة يتأتى فيها لكونها معه في البيت فيدها على ما فيه لأن قبضه مستدام اغنى عن الابتداء كما لو باعه سلعة في يده وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. قال القاضي لابد من مضي مدة يتأتى القبض فيها، وهل يفتقر إلى اذن في القبض؟ فيه روايتان (إحداهما) يفتقر كغير المقبوض (والثانية) لا يفتقر لأنه مقبوض فلا معنى لتجديد الاذن فيه وقد ذكرنا ذلك في الرهن ومذهب الشافعي في الاختلاف في اعتبار الاذن واعتبار مضي مدة يتأتى القبض فيها كمذهبنا (فصل) والواهب بالخيار قبل القبض ان شاء أقبضها وان شاء رجع فيها فإن قبضها المتهب بغير اذن الواهب لم يصح القبض ولم تتم الهبة وحكي عن أبي حنيفة أنه إذا قبضها في المجلس صح وان لم يأذن له لأن الهبة قامت مقام الاذن في القبض لكونها دالة على رضاه بالتمليك الذي لا يتم الا بالقبض
(٢٥٣)