لما حميت على الناس من بلادهم شيئا أبدا وهذا اجماع منهم ولان ما كان لمصالح المسلمين قامت الأئمة فيه مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما أطعم الله لنبي طعمة الا جعلها طعمة من بعده " والخبر مخصوص وما حماه لنفسه يفارق حمى النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه لأن صلاحه يعود إلى صلاح المسلمين وماله كان يرده على المسلمين، وليس لهم أن يحموا الا قدرا لا يضيق عن المسلمين ويضر بهم لأنه إنما جاز لما فيه من المصلحة لما يحمى وليس من المصلحة ادخال الضرر على أكثر الناس * (مسألة) * (وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحد نقضه ولا تغييره مع بقاء الحاجة إليه) لأن ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم نص لا يجوز نقضه بالاجتهاد ومن أحيا منه شيئا لم يملكه وان زالت الحاجة إليه ففيه وجهان أصحهما أنه لا يجوز نقضه لما ذكرنا، فأما ما حماه غيره من الأئمة فغيره هو أو غيره من الأئمة جاز، وان أحياه انسان ملكه في أحد الوجهين لأن حمى الأئمة اجتهاد وملك الأرض بالأشياء نص والنص يقدم على الاجتهاد والوجه الآخر لا يملكه لأن اجتهاد الإمام لا يجوز نقضه كما لا يجوز نقض حكمه والأول أولى لأن الاجتهاد في حماء في تلك المدة دون غيره ولهذا ملك الحامي نقضه ومذهب الشافعي في هذا على نحو ما ذكرنا
(١٨٤)