لم تصح الهبة فيما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير غاصبه ممن لا يقدر على أخذه منه وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي لأنه عقد يفتقر إلى القبض أشبه البيع فإن وهب المغصوب لغاصبه أو لمن يتمكن من أخذه منه صح لامكان قبضه، وليس لغير الغاصب القبض الا باذن الواهب فإن وكل المالك الغاصب في تقبيضه صح وان وكل المتهب الغاصب في القبض له فقبل في زمن يمكن قبضه فيه صار مقبوضا وملكه المتهب وبرئ الغاصب من ضمانه وان قلنا القبض ليس شرطا في الهبة فما لا يعتبر فيه القبض من ذلك يحتمل أن لا يعتبر في صحة هبته القدرة على التسليم وهو قول أبي ثور لأنه تمليك بلا عوض أشبه الوصية ويحتمل أن لا تصح هبته لأنه لا يصح بيعه أشبه الحمل في البطن وكذلك يخرج في هبة الطير في الهواء أو السمك في الماء إذا كان مملوكا * (مسألة) * (ولا تصح هبة المجهول كالحمل في البطن واللبن في الضرع) وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور لأنه مجهول معجوز عن تسليمه فلم تصح هبته كما لا يصح بيعه وفي الصوف على الظهر وجهان بناء على صحة بيعه، ومتى أذن له في جز الصوف وحلب الشاة كان إباحة وإن وهب دهن سمسمه قبل عصره أو زيت زيتونه أو جفته لم يصح وبهذا قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم لهم مخالفا، ولا تصح هبة المعدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته لأن الهبة عقد تمليك في الحياة فلم تصح في هذا كله كالبيع (فصل) قد ذكرنا أن هبة المجهول لا تصح نص عليه احمد في رواية أبي داود وحرب وبه قال الشافعي، قال شيخنا ويحتمل أن الجهل إذا كان من الواهب منع الصحة لأنه غرر في حقه وإن كان من الموهوب له لم يمنعها لأنه لا غرر في حقه فلم يعتبر في حقه العلم بما يوهب له كالوصية، وقال مالك:
تصح هبة المجهول لأنه تبرع فصح في المجهول كالنذر والوصية