ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " العائد في هبته كالعائد في قيئه وفي لفظ " كالكلب يعود في قيئه " وفي رواية " ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " متفق عليه، وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يرجع واهب في هبته إلا الوالد من ولده " ولأنه واهب لا ولاية له في المال فلم يرجع في هبته لذي الرحم المحرم وأحاديثنا أصح من حديثهم وأول، وقول عمر قد روي عن ابنه وابن عباس خلافه، وأما العارية فهي هبة المنافع ولم يحصل القبض فيها فإن قبضها باستيفائها فنظير مسئلتنا ما استوفى من منافع العارية فإنه لا يجوز الرجوع فيها وقياسهم منقرض بهبة الأجنبي فإن فيها ثوابا وقد جوزوا فيها الرجوع فحصل الاتفاق على أن ما وهب الانسان لذوي رحمه المحرم غير الوالدين لا رجوع فيها وكذلك ما وهب الزوج امرأته والخلاف فيما عدا هذا فعندنا لا يرجع إلا الوالد وعندهم لا يرجع إلا الأجنبي (فصل) فأما الأب فله الرجوع فيما وهب لولده في ظاهر المذهب سواء قصد برجوعه التسوية بين أولاده أولا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وإسحق وأبو ثور، وعن أحمد رواية أخرى ليس له الرجوع وبها قال أصحاب الرأي والثوري وللعنبري لقول النبي صلى الله عليه وسلم " العائد في هبته كالعائد في قيئه " متفق عليه، ولما ذكرنا من حديث عمر ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم لقيس بن سعد " فاردده " وروي " فارجعه " رواه كذلك عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته وأقل أحوال الامر الجواز، وقد امتثل بشير بن سعد ذلك فرجع في هبته لولده، ألا تراه قال في الحديث: فرجع أبي فرد تلك الصدقة؟ فإن قيل يحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا قلنا هذا يخالف ظاهر الحديث لقوله تصدق أبي علي بصدقة، وقول بشير اني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه وقول النبي صلى الله عليه وسلمه " فاردده " وروى طاوس عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
(٢٧٨)