شعائر الاسلام وفداء الاسرى من أعظم القربات، وقد نقل المروذي عن أحمد فيمن أوصى بثلثه في أبواب البر يجزأ ثلاثة أجزاء جزءا في الجهاد وجزءا يتصدق به في أقاربه وجزءا في الحج وقال في رواية أبي داود الغزو يبدأ به وحكي عنه أنه جعل جزءا في فداء الاسرى، قال شيخنا وهذا والله أعلم ليس على سبيل اللزوم والتحديد بل يجوز صرفه في جهات البر كلها لأن اللفظ للعموم فيجب حمله على عمومه ولأنه ربما كان غير هذه الجهات أحوج من بعضها وأحق فقد تدعو الحاجة إلى تكفين ميت واصلاح طريق واعتاق رقبة وقضاء دين وإغاثة ملهوف أكثر من دعائها إلى حج من لا يجب عليه الحج فيكلف وجوب ما لم يكن عليه واجبا وتعبا كأن الله تعالى قد أراحه منه من غير مصلحة تعود على أحد من خلق الله تعالى فتقديم هذا على ما مصلحته ظاهرة والحاجة إليه داعية بغير دليل تحكم لا معنى له (فصل) وان قال ضع ثلثي حيث أراك الله فله صرفه في أي جهة من جهات القرب رأى وضعه فيها عملا بمقتضى وصيته وذكر القاضي أنه يجب صرفه إلى الفقراء والمساكين، والأفضل صرفه إلى فقراء أقاربه فإن لم يجد فإلى محارمه من الرضاع فإن لم يكن فإلى جيرانه وقال أصحاب الشافعي يجب ذلك لأنه رده إلى اجتهاده فيما فيه الحظ وهذا أحظ ولنا أنه قد يرى غير هذا أهم منه وأصلح فلا يجوز تقييده بالتحكم ونقل أبو داود عن أحمد
(٤٨٥)