* (مسألة) * (وللإمام أن يحمي أرضا من الموات ترعى فيها دواب المسلمين التي يقوم بحفظها ما لم يضيق على الناس، ولا يجوز ذلك لغيره) معنى الحمى أن يحمى أرضا يمنع الناس رعى جشيشها ليختص بها وكانت العرب في الجاهلية تعرف ذلك فكان منهم من إذا انتجع بلدا أقام كلبا على نشز ثم استعواه ووقف له من كل ناحية من يسمع صوته بالعواء فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ويرعى مع الناس فيما سواه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه لما فيه من التضييق على الناس ومنعهم من الانتفاع بشئ لهم فيه حق فروى الصعب بن جثامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا حمى إلا لله ولرسوله " رواه أبو داود وقال عليه الصلاة والسلام " الناس شركاء في ثلاث في الماء والنار والكلأ " رواه الخلال فليس لأحد من الناس أن يحمي سوى الأئمة لما ذكرنا من الخبر والمعنى، فاما النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان له أن يحمي لنفسه وللمسلمين لقوله " لا حمى إلا لله ولرسوله " ولم يحم لنفسه شيئا وإنما حمى للمسلمين فروى ابن عمر قال حمى النبي صلى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين رواه أبو عبيد والنقيع بالنون موضع ينتقع فيه الماء فيكثر فيه الخصب لمكان الماء الذي يصير فيه، وأما سائر أئمة المسلمين فليس لهم أن يحموا لأنفسهم شيئا ولكن لهم أن يحموا مواضع لترعى فيها خيل المجاهدين ونعم الجزية وإبل الصدقة وضوال
(١٨٢)