بالحرية احتمل وجهين (أحدهما) يقبل وهو قول أصحاب الرأي لأنه مجهول الحال أقر بالرق فقبل كما لو قدم رجلان من دار الحرب فأقر أحدهما للآخر بالرق وكاقراره بالحد والقصاص في نفسه فإنه يقبل وان تضمن فوات نفسه ويحتمل أن لا يقبل قال شيخنا وهو الصحيح لأنه يبطل به حق الله تعالى في الحرية المحكوم بها فلم يصح كما لو أقر بالحرية قبل ذلك ولان الطفل المنبوذ لا يعلم رق نفسه ولا حريتها ولم يتجدد له حال يعرف به رق نفسه لأنه في تلك الحال ممن لا يعقل ولم يتجدد له رق بعد التقاطه فكان إقراره باطلا وهذا قول ابن القاسم وابن المنذر وللشافعي وجهان كما ذكرنا فإن قلنا يقبل اقراره صارت أحكامه أحكام العبيد فيما عليه خاصة وهذا الذي قاله القاضي، وبه قال أبو حنيفة والمزني وهو أحد قولي الشافعي لأنه أقر بما يوجب حقا عليه وحقا له فوجب ان يثبت ما عليه دون ما له كما لو قال لفلان علي الف ولي عنده رهن وفيه وجه آخر أنه يقبل اقراره في الجميع وهو القول الثاني للشافعي لأنه يثبت ما عليه فيثبت ماله كالبينة ولأن هذه الأحكام تبع للرق فإذا ثبت الأصل بقوله ثبت التبع كما لو شهدت امرأة بالولادة ثبتت وثبت النسب تبعا لها (فصل) فاما ان أقر بالرق ابتداء الانسان فصدقه فهو كما لو أقر به جوابا وان كذبه بطل اقراره فإن أقر به بعد ذلك لرجل آخر جاز، وقال بعض أصحابنا يتوجه أن لا يسمع اقراره الثاني لأن اقراره الأول يتضمن الاعتراف بنفي مالك له سوى المقر له فإذا بطل اقراره برد المقر له بقي الاعتراف بنفي مالك له غيره فلم يقبل اقراره بما نفاه كما لو أقر بالحرية ثم أقر بعد ذلك بالرق
(٣٩٣)