بالمسلمين وتضييقا عليهم، ولما روى أبو عبيد وأبو داود والترمذي باسنادهم عن أبيض بن حمال أنه استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الملح الذي بمأرب فلما ولى قيل يا رسول الله أتدري ما أقطعت له إنما أقطعته الماء العد فرجعه منه، قال قلت يا رسول الله ما يحمى لي من الأراك؟ قال " ما لم تنله أخفاف الإبل " وهو حديث غريب ورواه سعيد قال حدثني إسماعيل بن عياش عن عمرو بن قيس المأربي عن أبيه عن أبيض بن حمال المأربي قال: استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم معدن الملح بمأرب فأقطعنيه فقيل يا رسول الله انه بمنزلة الماء العد يعني انه لا ينقطع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فلا اذن " ولان هذا يتعلق به مصالح المسلمين العامة فلم يجز احياؤه ولا اقطاعه كمشارع الماء وطرقات المسلمين. قال ابن عقيل هذا من مواد الله الكريم وفيض جوده الذي لا غناء عنه، ولو ملكه أحد بالاحتجار ملك منعه فضاق على الناس، فإن أخذ العوض عنه أعلاه فخرج عن الوضع الذي وضعه الله به من تعميم ذوي الحوائج من غير كلفة وهذا مذهب الشافعي ولا أعلم فيه مخالفا (فصل) فأما المعادن الباطنة وهي التي لا يوصل إليها إلا بالعمل والمؤنة كمعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والبلور والفيروزج فإن كانت ظاهرة لم تملك أيضا بالاحياء لما ذكرنا في التي قبلها، وإن لم تكن ظاهرة فحفرها انسان وأظهرها لم يملكها بذلك في ظاهر المذهب وظاهر مذهب
(١٥٥)