معاوضة فجازت بتراضيهما كغيرها (فصل) وان اشترى صبرة على أنها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر رد الزائد ولاخيار له ههنا لأنه لا ضرر في رد الزيادة وإن بانت تسعة أخذها بقسطها من الثمن، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه متى سمى الكيل في الصبرة لا يكون قبضها إلا بالكيل فإن وجدها قدر حقه أخذها وإن كانت زائدة رد الزيادة وإن نقصت أخذها بقسطها من الثمن وهل له الفسخ وإذا وجدها ناقصة؟ على وجهين (أحدهما) له الخيار وهو مذهب الشافعي لأنه وجد المبيع ناقصا فكان له الفسخ كغير الصبرة وكنقصان الصفة (والثاني) لاخيار له لأن نقصان القدر ليس بعيب في الباقي من الكيل بخلاف غيره {باب الخيار في المبيع} (وهو على سبعة أقسام: أحدها خيار المجلس ويثبت في البيع والصلح بمعناه والإجارة ويثبت في الصرف والسلم وعنه لا يثبت فيهما ولا يثبت في سائر العقود إلا في المساقاة والحوالة والسبق في أحد الوجهين) وجملته أن خيار المجلس يثبت في البيع بمعنى أنه يقع جائزا ولكل واحد من المتبايعين الخيار في فسخه ماداما مجتمعين لم يتفرقا، وهو قول أكثر أهل العلم يروى ذلك عن عمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة وأبي برزة، وبه قال سعيد بن المسيب وشريح والشعبي وعطاء وطاوس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، وقال مالك وأصحاب الرأي يلزم العقد بالايجاب والقبول والخيار لهما لأنه روي عن عمر رضي الله عنه: البيع صفقة أو خيار ولأنه عقد معاوضة فلزم بمجرده كالنكاح والخلع ولنا ما روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا " تبايع الرجلان فلكل واحد منهما الخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الاخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وان تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع " متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " رواه الأئمة ورواه عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وحكيم بن حزام وأبو ثور الأسلمي ورواه عن نافع عن ابن عمر مالك وأيوب وعبيد الله بن عمر وابن جريج والليث ابن سعد وغيرهم وهو صريح في حكم المسألة وعاب كثير من أهل العلم على مالك مخالفته الحديث مع روايته له وثبوته عنده قال الشافعي لا أدري هل أيهم مالك نفسه أو نافعا وأعظم أن أقول عبد الله بن عمر. وقال ابن أبي ذئب يستتاب مالك في تركه لهذا الحديث. فإن قيل المراد بالتفرق هاهنا التفرق بالأقوال كقوله تعالى (وما تفرق الذين أو توا الكتاب الامن بعد ما جاءتهم البينة) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " أي بالأقوال والاعتقادات قلنا هذا باطل لوجوه منها ان اللفظ لا يحتمل ما قالوه إذ ليس بين المتبايعين تفرق بقول ولا اعتقاد إنما بينهما اتفاق على
(٦١)