فقال خذه أو قد رضيت ونحو ذلك فيكون عقدا كافيا فيقول كقول الجمهور، فعلى هذا إن لم يوجد ما يدل على الايجاب أو ما يقوم مقامه لم يصح لأن ما مضى من القول لا يصلح أن يكون إيجابا. وقد روي عن أحمد أنه قال فيمن قال إن خطته اليوم فلك درهم وان خطته غدا فلك نصف درهم أنه يصح فيتحمل أن لا يلحق به هذا البيع فيخرج وجها في الصحة ويحتمل أن يفرق بينهما من حيث إن العقد ثم يمكن أن يصح لكونه جعالة بخلاف البيع ولان العمل الذي يستحق به الأجرة لا يمكن وقوعه الا على إحدى الصفتين فتتعين الأجرة المسماة عوضا فلا يفضي إلى التنازع وهذا بخلافه {مسألة} (وان باعه الصبرة كل قفيز بدرهم والثوب كل ذراع بدرهم والقطيع كل شاة بدرهم صح) إذا باعه الصبرة كل قفيز بدرهم صح وان لم يعلما قدر قفزانها حال العقد وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة يصح في قفيز واحد ويبطل فيما سواه لأن جملة الثمن مجهولة فلم يصح كبيع المتاع برقمه، ولنا أن المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم لإشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين وهو وكيل الصبرة فجاز كما لو باع ما رأس ماله اثنان وسبعون لكل ثلاثة عشر درهم فإنه لا يعلم في الحال وإنما يعلم بالحساب كذا ههنا ولان المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم قدر ما يقابل كل جزء من المبيع فصح كالأصل المذكور وكذلك حكم الثوب والأرض والقطيع من الغنم إذا كان مشاهدا فباعه إياه كل ذراع بدرهم أو كل شاة بدرهم صح وان لم يعلما قدر ذلك حال العقد لما ذكرنا في الصبرة {مسألة} (وان باعه من الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح لأن من للتبعيض وكل للعدد فيكون ذلك العدد منها مجهولا) ويحتمل أن يصح البيع بناء على قوله في الإجارة إذا أجره كل شهر بدرهم. قال ابن عقيل وهو الأشبه كالمسألة التي قبلها لأن من وان أعطيت البعض فما هو بعض مجهول بل قد جعل لكل جزء معلوم منها ثمنا معلوما فهو كما لو قال قفيزا منها وكمسألة الإجارة (فصل) وإن قال بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم على أن أزيدك قفيزا أو أنقصك قفيزا لم يصح لأنه لا يدري أيزيده أم ينقصه. وان قال على أن أزيدك قفيزا لم يجز لأن القفيز مجهول. وان قال على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى أو بصفة يعلم بها صح لأن معناه بعتك هذه الصبرة وقفيزا من هذه الأخرى بعشرة دراهم، وان قال على أن أنقصك قفيزا لم يصح لأن معناه بعتك هذه الصبرة إلا قفيزا كل قفيز بدرهم وشئ مجهول، ولو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى لم يصح لافضائه إلى جهالة في الثمن في التفصيل لأنه يصير قفيزا وشيئا بدرهم وهما لا يعرفانه لعدم معرفتهما بكمية ما في الصبرة من القفزان. ولو قصد أني أحط ثمن قفيز من الصبرة ولا احتسب به لم يصح للجهالة التي ذكرناها. وان علما قدر قفزان الصبرة أو قال هذه عشرة أقفزة بعتكها كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة أو وصفه بصفة يعلم بها صح لأن معناه بعتك كل قفيز وعشرة بدرهم وان لم يعلم القفزان وجعله هبة لم يصح وان أراد أني لا احتسب
(٣٤)