لو قال ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها ردهم (قال شيخنا) وهذا هو القياس وإنما صار احمد فيه إلى ما روي عن نافع بن الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فإن رضي عمر والا فله كذا وكذا، قال الأثرم قلت لأحمد تذهب إليه قال أي شئ أقول هذا عمر رضي الله عنه؟ وضعف الحديث المروي. روى هذه القصة الأثرم باسناده (فصل) فاما ان دفع إليه قبل البيع درهما وقال لاتبع هذه السلعة لغيري وان لم اشترها منك فهذا الدرهم لك ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدأ وحسب الدرهم من الثمن صح لأن البيع خلا عن الشرط المفسد، ويحتمل أن الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه فيحمل عليه جمعا بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلين بفساد بيع العربون. وان لم يشتر السلعة في هذه الصورة لم يستحق البائع الدرهم لأنه يأخذه بغير عوض ولصاحبه الرجوع فيه ولا يصح جعله عوضا من انتظاره وتأخر بيعه من أجله لأنه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء ولان الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جازت لوجب أن يكون معلوم المقدار كما في الإجارة {مسألة} (وان قال بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث أو مدة معلومة والا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح نص عليه) وهذا قول أبي حنيفة والثوري وإسحاق ومحمد بن الحسن، وقال به أبو ثور إذا كان إلى ثلاث، وحكي مثل قوله عن ابن عمر، وقال مالك يجوز في اليومين والثلاثة ونحوها وإن كان عشرين ليلة فسخ البيع، وقال الشافعي وزفر البيع فاسد لأنه علق فسخ البيع على غرر فلم يصح كما لو علقه بقدوم زيد.
ولنا أنه يروى عن عمر ولأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار فجاز كما لو شرط الخيار ولأنه بيع فجاز أن ينفسخ بتأخير القبض كالصرف ولان هذا بمعنى شرط الخيار لأنه كما يحتاج إلى التروي في المبيع - هل يوافقه أولا - يحتاج إلى التروي في الثمن هل يصير منقودا أولا فهما شبيهان في المعنى وان تغايرا في الصورة الا أنه في الخيار يحتاج إلى الفسخ وهذا ينفسخ إذا لم ينقد في المدة المذكورة لأنه جعله كذلك.
{مسألة} (وان باعه وشرط البراءة من كل عيب لم يبرأ وعنه يبرأ الا أن يكون البائع علم العيب فكتمه) اختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة فروي عنه أنه لا يبرأ إلا أن يعلم المشتري بالعيب وهو قول الشافعي. وقال إبراهيم والحكم وحماد لا يبرأ إلا مما سمى، وقال شريح لا يبرأ الا مما أراه أو وضع يده عليه، وروي عنه أنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه ولا يبرأ من عيب علمه يروى ذلك عن عثمان ونحوه عن زيد بن ثابت، وهو قول مالك وقول الشافعي في الحيوان خاصة لما روي أن عبد الله ابن عمر باع زيد بن ثابت عبدا بشرط البراءة بثمانمائة درهم فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترافعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر تحلف انك لم تعلم بهذا العيب؟ قال لا فرده عليه فباعه ابن عمر بألف درهم رواه الإمام أحمد، وهذه قصة اشتهرت فلم تنكر فكانت اجماعا ويتخرج