بيع الرطب في رؤوس النخل خرصا بمثله من التمر كيلا فيما دون خمسة أوسق لمن به حاجة إلى أكل الرطب ولا ثمن معه) لا يجوز بيع المزابنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة وهو بيع الرطب بالتمر متفق عليه.
وروى البخاري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، فأما العرايا فيجوز في الجملة وهو قول أكثر أهل العلم منهم مالك في أهل المدينة والأوزاعي في أهل الشام والشافعي وإسحاق وابن المنذر، وقال أبو حنيفة لا يحل بيعها لما ذكرنا من الحديث ولأنه بيع الرطب بالتمر من غير كيل في أحدهما فلم يجز كما لو كان على وجه الأرض ولنا ما روى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق متفق عليه، ورواه زيد بن ثابت وسهل بن أبي حثمة وغيرهما وحديثهم في سياقه إلا العرايا كذلك في المتفق عليه، وهذه زيادة يجب الاخذ بها ولو قدر التعارض وجب تقديم حديثنا بخصوصه جمعا بين الحديثين وعملا بكلا النصين. قال ابن المنذر الذي نهى عن المزابنة هو الذي أرخص في العرايا وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، والقياس لا يصار إليه مع النص مع أن في الحديث انه أرخص في العرايا، والرخصة استباحة المحظور مع وجود السبب الحاضر، فلو منع وجود السبب من الاستباحة لم يبق لنا رخصة بحال {فصل} وإنما يجوز بشروط خمسة (أحدها) أن يكون فيما دون خمسة أوسق في ظاهر المذهب ولا خلاف في أنها لا تجوز في زيادة على خمسة أوسق وانها تجوز فيما نقص عن خمسة أوسق عند القائلين بجوازها. فاما الخمسة الأوسق فظاهر المذهب أنه لا يجوز فيها وبه قال ابن المنذر والشافعي في أحد قوليه، وقال مالك والشافعي في قول يجوز ورواه إسماعيل بن سعيد عن أحمد لأن في حديث زيد وسهل أنه أرخص في العرايا مطلقا ثم استثنى ما زاد على الخمسة وشك الراوي في الخمسة فبقي المشكوك فيه على أصل الإباحة ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة. والمزابنة بيع الرطب بالتمر ثم أرخص في العرية فيما دون خمسة أوسق وشك في الخمسة فيبقى على العموم في التحريم ولان العرية رخصة بنيت على خلاف النص والقياس فيما دون الخمسة، والخمسة مشكوك فيها فلا تثبت إباحتها مع الشك، وروى ابن المنذر باسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرية في الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة والتخصيص بهذا يدل على أنه لا تجوز الزيادة في العدد عليه كما اتفقنا على أنه لا تجوز الزيادة على الخمسة لتخصيصه إياها بالذكر ولان خمسة الأوسق في حكم ما زاد عليها في وجوب الزكاة فيها دون ما نقص عنها فأما قولهم أرخص في العرية مطلقا فلم يثبت أن الرخصة المطلقة سابقة على الرخصة المقيدة ولا متأخرة عنها بل الرخصة واحدة رواها بعضهم مطلقة وبعضهم مقيدة فيجب حمل المطلق على المقيد ويصير القيد المذكور في أحد الحديثين كأنه مذكور في الآخر ولذلك يقيد فيما زاد على الخمسة اتفاقا