(باب الحجر) الحجر في اللغة المنع والتضييق ومنه سمي الحرام حجرا قال الله تعالى (ويقولون حجرا محجورا) اي حراما محرما ويسمى العقل حجرا قال الله تعالى (هل في ذلك قسم لذي حجر؟) اي عقل سمي حجرا لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح، وهو في الشرع منع الانسان من التصرف في ماله {مسألة} (وهو على ضربين حجر على الانسان لحظ نفسه وحجر لحق غيره) كالحجر على المريض في التبرع بما زاد على الثلث لحق الورثة، وعلى العبد والمكاتب لحق السيد والراهن يحجر عليه في الرهن لحق المرتهن ولهؤلاء أبواب يذكرون فيها، ومن ذلك الحجر على المفلس لحق الغرماء وهو المذكور ههنا، والمفلس هو الذي لامال له ولا ما يدفع به حاجته ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه " أتدرون من المفلس " قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع قال " ليس ذلك المفلس، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ويأتي وقد ضرب هذا ولطم هذا وأكل مال هذا وأخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقي عليه شئ أخذ من سيئاتهم فرد عليه ثم صك له صك إلى النار " أخرجه مسلم بمعناه فقولهم ذلك اخبار عن حقيقة المفلس، وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس ذلك المفلس " تجوز لم يرد به نفي الحقيقة بل أراد أن فلس الآخرة أشد وأعظم بحيث يصير مفلس الدنيا بالنسبة إليه كالغني، ونحو هذا قوله عليه الصلاة والسلام " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يغلب نفسه عند الغضب " وقوله " ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس " ومنه قول الشاعر ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الاحياء قيل إنما سمي هذا مفلسا لأنه لامال له إلا الفلوس وهي أدنى أنواع المال، والمفلس في عرف
(٤٥٥)