مالك ان اشترط ركوبا إلى مكان قريب جاز وإن كان إلى مكان بعيد كره لأن اليسير تدخله المسامحة ولنا ما روى جابر أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم جملا واشترط ظهره إلى المدينة وفي لفظ قال فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي متفق عليه وفي لفظ فبعته بخمس أواق قال قلت على أن لي ظهره إلى المدينة قال " ولك ظهره إلى المدينة " رواه مسلم ولان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا الا أن تعلم وهذه معلومة ولان المنفعة قد تقع مستثناة بالشرع على المشتري فيما إذا اشترى نخلا مؤبرة أو أرضا مزروعة أو دارا مؤجرة أو أمة مزوجة فجاز أن يستثنيها كما لو اشترط البائع الثمرة قبل التأبير ولم يصح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط إنما نهى عن شرطين في بيع فمفهومه إباحة الشرط الواحد وقياسهم منقوض بشرط الخيار والتأجيل في الثمن (فصل) وان باع أمة واستثنى وطأها مدة معلومة لم يصح لأن الوطئ لا يباح في غير ملك أو نكاح لقول الله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون * الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وفارق اشتراط وطئ المكاتبة حيث نبيحه لأنها مملوكة فيستباح وطؤها بالشرط في المحل المملوك. واختار ابن عقيل عدم الإباحة أيضا وهو قول أكثر الفقهاء (فصل) وان باع المشتري العين المستثناة منفعتها صح البيع وتكون في يد المشتري الثاني مستثناة أيضا فإن كان عالما بذلك فلا خيار له لأنه دخل على بصيرة فلم يثبت له خيار كما لو اشترى معيبا يعلم عيبه وان لم يعلم فله خيار الفسخ كمن اشترى أمة مزوجة أو دارا مؤجرة وان أتلف المشتري العين فعليه أجرة المثل لتفويت المنفعة المستحقة لغيره وثمن البيع وان تلفت العين بتفريطه فهو كتلفها بفعله نص عليه احمد وقال يرجع البائع على المبتاع بأجرة المثل قال القاضي: معناه عندي القدر الذي نقصه البائع لأجل الشرط وظاهر كلام احمد خلاف هذا لأنه يضمن ما فات بتفريطه فضمنه بعوضه وهو أجرة المثل فاما ان تلفت بغير فعله وتفريطه لم يضمن قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله فعلى المشتري أن يحمله على غيره لأنه كان له حملان؟ قال الا أنما شرط عليه هذا بعينه لأنه لا يملكها البائع من جهته فلم يلزمه عوضها كما لو تلفت النخلة المؤبرة بثمرتها أو غير المؤبرة إذا اشترط البائع ثمرتها وكما لو باع حائطا واستثنى منه شجرة بعينها فتلفت، وقال القاضي عليه ضمانها أخذا من عموم كلام أحمد وإذا تلفت العين رجع البائع على المبتاع بأجرة المثل وكلامه محمول على حالة التفريط على ما ذكرناه (فصل) إذا اشترط البائع منفعة المبيع فأراد المشتري أن يعطيه ما يقوم مقام المبيع في المنفعة أو يعوضه عنها لم يلزمه قبوله وله استيفاء المنفعة من غير المبيع نص عليه احمد لأن حقه تعلق بعينها أشبه ما لو استأجر عينا فبذل له الآخر مثلها ولان البائع قد يكون له غرض في استيفاء منافع تلك العين فلا يجبر على قبول عوضها فإن تراضيا على ذلك جاز لأن الحق لهما وان أراد البائع إعارة العين أو اجارتها لمن يقوم مقامه فله ذلك في قياس المذهب لأنها منافع مستحقة له فملك ذلك فيها كمنافع الدار المستأجرة الموصى بمنافعها ولا تجوز اجارتها إلا لمثله في الانتفاع فإن أراد اجارتها أو اعارتها لمن يضر بالعين بانتفاعه لم يجز ذلك كما لا يجوز له إجارة العين المستأجرة لمن لا يقوم مقامه ذكر ذلك ابن عقيل.
(٥٠)