(فصل) وإذا اشترى أرضا وفيها بذر فاستحق المشتري أصله كالرطبة والبقول التي تجز مرة بعد أخرى فهو للمشتري لأنه يترك في الأرض للتبقية فهو كأصول الشجر ولأنه لو كان ظاهرا كان له فالمستتر أولى وسواء علقت له عروق في الأرض أولا، وإن كان بذرا لما يستحقه البائع كالشعير فهو له إلا أن يشترطه المبتاع فيكون له، وقال الشافعي يبطل البيع لأن البذر مجهول وهو مقصود ولنا أن البذر يدخل تبعا فلم يضر جهله كما لو اشترى عبدا واشترط ماله ولأنه يجوز في التابع من الغرر ما لا يجوز في الأصل كبيع اللبن في الضرع مع الشاة والحمل مع الام ولا تضر جهالته، ولا يجوز مفردا فإن لم يعلم المشتري ذلك فله فسخ البيع وامضاؤه لأنه يفوت عليه منفعة الأرض مدة فإن تركه البائع للمشتري أو قال أنا أحوله وأمكن ذلك في زمن يسير لا يضر بمنافع الأرض فلا خيار للمشتري لأنه أزال العيب بالنقل أو زاده خيرا بالترك فلزمه قبوله لأن فيه تصحيح العقد وهذا مذهب الشافعي، وكذلك إن اشترى نخلا فيها طلع فبان مؤبرا فله الخيار لأنه يفوت على المشتري ثمرة عامه فإن تركها البائع فلا خيار له، وإن قال أنا أقطعها الآن لم يسقط خياره لأن ثمرة العام تفوت وان قطعها وان اشترى أرضا فيها زرع للبائع أو شجرا فيه ثمر للبائع والمشتري جاهل يظن أن الزرع والثمر له فله الخيار كما لو جهل وجوده لأنه إنما رضي بذلك ماله عوضا عن الأرض والشجر بما فيهما فإذا بان بخلافه ثبت له الخيار كمن اشترى معيبا يظنه صحيحا، فإن اختلفا في ذلك فالقول قول المشتري إذا كان مثله يجهل ذلك كالعامي، وإن كان ممن يعلم ذلك لم يقبل قوله {مسألة} (وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة كالبر والشعير فهو للبائع مبقى إلى الحصاد الا أن يشترط المبتاع) إذا كان في الأرض زرع لا يحصد إلا مرة كالبر والقطاني وما المقصود منه مستتر كالجزر والفجل والثوم وأشباه ذلك فاشترطه المشتري فهو له قصيلا كان أو ذا حب مستترا أو ظاهرا معلوما أو مجهولا لكونه دخل في البيع تبعا للأرض فلم يضر جهله وعدم كماله كما لو اشترى شجرة فاشترط تمرتها بعد تأبيرها، وان أطلق البيع فهو للبائع لأنه مودع في الأرض فهو كالكنز والقماش وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ولا أعلم فيه مخالفا. إذا ثبت ذلك فإنه يكون للبائع مبقى في الأرض إلى الحصاد بغير أجرة لأن المنفعة حصلت مستثناة له، وعليه حصاده في أول وقت حصاده وإن كان بقاؤه أنفع له على ما نذكر في الثمرة وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة عليه نقله عقيب البيع كقوله في الثمرة، وسنذكر ذلك، وهكذا الحكم في القصب الفارسي لأن له وقتا يقطع فيه إلا أن العروق للمشتري لأنها تترك في الأرض للبقاء فيها والقصب كالثمرة وان لم يكن ظهر من القصب شئ فهو للمشتري: فأما قصب السكر فهو كالزرع، ويحتمل أن يكون كالقصب الفارسي لأنه يؤخذ سنة بعد سنة، فإن حصده قبل أوان الحصاد لينتفع بالأرض في غيره لم يملك الانتفاع بها لأن منفعتها إنما حصلت مستثناة عن مقتضى العقد ضرورة بقاء الزرع فتتقدر ببقائه كالثمرة على الشجر، وكما لو كان المبيع طعاما لا ينقل مثله عادة إلا في
(١٨٩)