الراهن والضمين ولان ما ينقصه الشرط من الثمن مجهول فيصير الثمن مجهولا ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم لأرباب بريرة بشئ مع فساد الشرط وصحة البيع. وان حكمنا بفساد العقد لم يحصل به ملك سواء قبضه أو يقبضه على ما نذكره إن شاء الله تعالى {مسألة} (إذا شرط العتق ففي صحته روايتان) إحداهما يصح وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي لأن عائشة اشترت بريرة وشرط عليها أهلها عتقها وولاءها فأنكر النبي صلى الله وسلم شرط الولاء دون العتق (والثانية) الشرط فاسد وهو مذهب أبي حنيفة لأنه شرط ينافي مقتضى العقد أشبه ما لو شرط أن لا يبيعه ولأنه شرط إزالة ملكه عنه أشبه ما إذا اشترط أن يبيعه وليس في حديث عائشة انها شرطت لهم العتق إنما اخبرهم انها تريد ذلك من غير شرط فاشترطوا ولاءها فإن حكمنا بفساده فحكمه حكم سائر الشروط الفاسدة على ما بينا وان حكمنا بصحته فاعتقه المشتري فقد وفى بما شرط عليه وان لم يعتقه ففيه وجهان (أحدهما) يجبر لأن شرط العتق إذا صح تعلق بعينه فيجبر كما لو نذر عتقه (والثاني) لا يجبر لأن الشرط لا يوجب فعل المشروط بدليل ما لو شرط الرهن والضمين فعلى هذا يثبت للبائع خيار الفسخ لأنه لم يسلم له ما شرط أشبه ما لو شرط عليه رهنا فلم يف به، وان تعيب المبيع أو كان أمة فاحبلها أعتقه وأجزأه لأن الرق باق فيه وان استغله أو أخذ من كسبه شيئا فهو له وان مات المبيع رجع البائع على المشتري بما نقصه شرط العتق فيقال كم قيمته لو بيع مطلقا وكم قيمته إذا بيع بشرط العتق؟ فيرجع بقسط ذلك من ثمنه في أحد الوجهين كالأرش وفي الآخر يضمن بما نقص من قيمته {مسألة} (وعنه فيمن باع جارية وشرط على المشتري انه ان باعها فهو أحق بها بالثمن ان البيع جائز) روى المروذي عن أحمد أنه قال هو في معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا شرطان في بيع " يعني انه فاسد لأنه شرط أن يبيعه إياه وان يبيعه بالثمن الأول فهما شرطان في بيع نهي عنهما ولأنه ينافي مقتضى العقد لأنه شرط ان لا يبيعه من غيره إذا أعطاه ثمنه فهو كما لو شرط ان لا يبيعه الا من فلان وروى عنه إسماعيل بن سعيد البيع جائز لما روي عن ابن مسعود أنه قال ابتعت من امرأتي زينب الثقفية جارية وشرطت لها ان بعتها فهي لها بالثمن الذي ابتعتها به فذكرت ذلك لعمر فقال لا تقربها ولاحد فيها شرط قال إسماعيل فذكرت لأحمد الحديث قال البيع جائز ولا تقربها لأنه كان فيها شرط واحد للمرأة لم يقل عمر في ذلك البيع فاسد فحمل الحديث على ظاهره وأخذه به وقد اتفق عمر وابن مسعود على صحته والقياس يقتضي فساده قال شيخنا ويحتمل أن يحمل كلام أحمد في رواية المروذي على فساد الشرط وفي رواية إسماعيل بن سعيد على جواز البيع فيكون البيع صحيحا والشرط فاسدا كما لو اشتراها بشرط أن لا يبيعها وقول أحمد لا تقربها قد روي مثله فيمن اشترط في الأمة أن لا يبيعها ولا يهبها أو شرط عليه ولاءها أولا يقربها والبيع جائز لحديث عمر المذكور. وقال القاضي
(٥٥)