المدرسة الإسلامية - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٠٦
والإسلام يختلف عن الديمقراطية الرأسمالية في هذا الموقف نتيجة لاختلافه عنها في طبيعة القاعدة الفكرية التي يتبناها وهي: التوحيد وربط الكون برب واحد. فهو يسمح للفكر الإنساني ان ينطلق ويعلن عن نفسه، ما لم يتمرد على قاعدته الفكرية التي هي الأساس الحقيقي لتوفير الحرية للإنسان في نظر الإسلام، ومنحه شخصيته الحرة الكريمة التي لا تذوب امام الشهوات، ولا تركع بين يدي الأصنام. فكل من الحضارة الغربية والإسلام يسمح بالحرية الفكرية بالدرجة التي لا ينجم عنها خطر على القاعدة الأساسية، وبالتالي على الحرية نفسها.
ومن المعطيات الثورية للحرية الفكرية في الإسلام: الحرب التي شنها على التقليد وجمود الفكر، والاستسلام العقلي للأساطير أو لآراء الآخرين، دون وعي وتمحيص. والهدف الذي يرمي إليه الإسلام من ذلك: تكوين العقل الاستدلالي أو البرهاني عند الإنسان، فلا يكفي لتكوين التفكير الحر لدى الإنسان ان يقال له: فكر كما يحلوا لك، كما صنعت الحضارة الغربية لان هذا التوسع في الحرية سوف يكون على حسابها، ويؤدي في كثير من الأحايين إلى ألوان من العبودية الفكرية تتمثل في التقليد والتعصب وتقديس الخرافات، بل لا بد في رأي الإسلام لانشاء الفكر الحر أن ينشئ في الإنسان العقل الاستدلالي أو البرهاني الذي لا يتقبل فكرة دون تمحيص ولا يؤمن بعقيدة ما لم تحصل على برهان ليكون هذا العقل الواعي ضمانا للحرية الفكرية وعاصما للإنسان من التفريط بها، بدافع من تقليد أو تعصب أو خرافة. وفي الواقع ان هذا جزء من معركة الإسلام لتحرير المحتوى الداخلي للإنسان فهو كما حرر الإرادة الإنسانية من عبودية الشهوات كما عرفنا سابقا، كذلك حرر الوعي الإنساني من عبودية التقليد والتعصب والخرافة. وبهذا وذاك فقط أصبح الإنسان حرا في تفكيره وحرا في إرادته.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية 7
2 كلمة المؤلف 9
3 الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية 13
4 مشكلة الإنسان اليوم 15
5 الإنسان ومعالجتها للمشكلة 18 رأي الماركسية 19
6 رأي المفكرين غير الماركسيين 22
7 الفرق بين التجربة الطبيعية والاجتماعية 23
8 أهم المذاهب الاجتماعية 33
9 الديمقراطية الرأسمالية 35
10 الحريات الأربع في النظام الرأسمالي 37
11 الاتجاه المادي في الرأسمالية 41
12 موضع الأخلاق من الرأسمالية 44
13 مآسي النظام الرأسمالي 45
14 الاشتراكية والشيوعية 51
15 النظرية الماركسية 53
16 الانحراف عن العملية الشيوعية 55
17 المؤاخات على الشيوعية 59
18 الإسلام والمشكلة الاجتماعية 63
19 التعليل الصحيح للمشكلة 65
20 كيف تعالج المشكلة؟ 70
21 رسالة الدين 76
22 موقف الإسلام من الحرية والضمان 83
23 الحرية والرأسمالية والإسلام 85
24 الحرية في الحضارة الرأسمالية 87
25 موقف الإسلام من الحرية 91
26 أقسام الحرية 93
27 الحرية في المجال الشخصي 94
28 الحرية في المجال الاجتماعي 99
29 المدلول الغربي للحرية السياسية 101
30 الحرية الاقتصادية بمفهومها الرأسمالي 104
31 الحرية الفكرية بمفهومها الرأسمالي 105
32 الضمان في الإسلام والماركسية 108
33 ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي؟ 111
34 مقدمة 113
35 توضيح السؤال 114
36 حاجتنا إلى هذا السؤال 114
37 الخطأ في فهم السؤال 114
38 تصحيح الخطأ بالتمييز المذهب والعلم 115
39 مثال على الفرق بين المذهب والعلم 115
40 التأكيد على أن الاقتصاد الإسلامي مذهب 115
41 وجهة النظر في الجواب 116
42 هل يوجد في الإسلام اقتصاد؟ 117
43 ما هو نوع الاقتصاد الإسلامي؟ 121
44 المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد 123
45 المثال الأول 124
46 المثال الثاني 127
47 المثال الثالث 128
48 استخلاص من الأمثلة السابقة 130
49 علم الاقتصاد والمذهب كالتأريخ والأخلاق 131
50 علم الاقتصاد كسائر العلوم 132
51 الفارق في المهمة لا في الموضوع 133
52 المذهب قد يكون إطارا للعلم 134
53 النتائج المستخلصة 136
54 المذهب لا يستعمل الوسائل العلمية 137
55 الاقتصاد الإسلامي كما نؤمن به 141
56 ما هي أكبر العقبات؟ 142
57 شمول الشريعة واستيعابها 144
58 التطبيق دليل آخر 147
59 المذهب يحتاج إلى صياغة 148
60 أخلاقية الاقتصاد الإسلامي 149
61 ماذا ينقص الاقتصاد الإسلامي عن غيره؟ 153