بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٠
به من عند ربه، ثم تأوه سيف ثلاث مرات بأن يراه فكان ينصره وينظره (1)، يتعجب منه الطير في الهواء، ثم قال: يا أبا الحارث عليك بكتمان ما ألقيت عليك، ولا تظهره إلى أن يظهره الله تعالى، فقال عبد المطلب: السمع والطاعة للملك، ونظر عبد المطلب في لحية سيف بن ذي يزن سوادا " وبياضا "، وخرج من عنده وقد وعده في الحباء في غد ليرحلوا إلى أرض الحرم إن شاء الله تعالى، فلما رجع إلى أصحابه وجدهم وجلين شاحبين (2) وقد أكثروا الفكر فيه حين دعاه الملك في مثل ساعته التي دعاه فيها، فقالوا له، ما كان يريد الملك منك؟ قال عبد المطلب: يسألني عن رسوم مكة وآثارها، ولم يخبر عبد المطلب أحدا بما كان بينه وبين الملك، وغدا عليهم رسول الملك من غد يحضرهم مجلسه فتطيبوا وتزينوا ودخلوا القصر، وعبد المطلب يقدمهم، فدخلوا عليه فنظر عبد المطلب فإذا برأسه ولحيته حالكا "، فقال له عبد المطلب: إني تركتك أبيض اللحية فما هذا؟ فقال له الملك:
إني أستعمل الخضاب، فقال أصحاب عبد المطلب: إن رأى الملك أن يرانا أهلا " لذلك الخضاب فليفعل، قال فأمر الملك أن يؤخذ بهم إلى الحمام، وكان القوم بيض الرؤوس واللحاء، فخضبوا هناك فخرجوا ولشعورهم بريق كأسود ما يكون من الشعر، ويقال: إن سيفا " أول من خضب رأسه ولحيته.
قال الواقدي: ثم إن الملك أمر لكل واحد منهم ببدرة بيض، فحمل كل واحد منهم على دابة وبغل، وأمر لكل واحد منهم بجارية وغلام وبتخت ثياب (3) فاخرة، ولعبد المطلب بضعفي ما وهب لهم، ثم دعا الملك بفرسه العقاب وبغلته الشهباء وناقته العضباء (4) وقال يا أبا الحارث: إن الذي أسلمه إليك (5) أمانة في عنقك تحفظها إلى

(١) والظاهر أن بعد ذلك سقط ما يرتبط بين الجملتين.
(٢) الشاحب: المهزول أو المتغير اللون.
(٣) في الفضائل: وغلام وثياب وبتخت ثياب، قلت. والتخت: خزانة الثياب.
(٤) العضباء بالعين المهملة والضاد المعجمة، قال الجزري: فيه كان اسم ناقته العضباء، وهو علم لها منقول من قولهم: ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن، وقال بعضهم كانت مشقوقة الأذن، والأول أكثر، وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عضبا وهي القصيرة اليد.
(٥) في الفضائل: أسلمته إليك.
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»
الفهرست