بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٥٤
قال الواقدي: ثم قاموا في تغسيله فغسلوه وكفنوه وحنطوه، وجعلوه في أعواد المنايا وحملوه إلى ذيل الصفا، وما بقي في مكة شيخ ولا شاب ولا حر ولا عبد من الرجال و النساء إلا وقد ذهبوا إلى جنازته وعظموها ودفنوه، فرجع الخلق من جنازته باكين عليه لفقده من مكة، فقالت عاتكة بنت عبد المطلب ترثي أباها وتقول:
ألا يا عين ويحك فاسعديني * بدمع واكف (1) هطل غزير على رجل أجل الناس أصلا * وفرعا " في المعالي والظهور طويل الباع أروع شيظميا * أغر كغرة القمر المنير (2) وقالت صفية ترثي أباها:
أعيني جودا بالدموع السواكب * على خير شخص من لوي بن غالب (3) أعيني جودا عبرة بعد عبرة * على الأسد الضرغام محض الضرائب (4) وقالت برة بنت عبد المطلب تبكي أباها وترثيه:
أعيني جودا بالدموع الهواطل * على النحر مني (5) مثل فيض الجداول ولا تسأما أن تبكيا كل ليلة * ويوم على مولى كريم الشمائل أبا الحارث الفياض ذو الباع والندى * رئيس قريش كلها في القبائل فأسقى مليك الناس موضع قبره * بنوء الثريا (6) ديمة بعد وابل

(١) وكف الدمع: سال قليلا قليلا. قوله: هطل من هطل المطر: نزل متتابعا متفرقا عظيم القطر.
(٢) في الفضائل هنا زيادة هي:
فقد فارقت ذا كرم وخير * وبكى هاشم وبنى أبيه ثمار الناس في السنة الترور * وغيث للعرى في كل أرض إذا ظن الغنى على الفقير (٣) في الفضائل هنا زيادة هي هذه:
اعينى لا تسحرا من بكاكما * على ماجد العراف عف المكاسب (٤) في الفضائل بعده أبيات هي:
أبا الحارث الفياض ذي الحلم والبها * وذى الباع والباعون زين المناسب وذو الماجد الغر الرفيع وذو الندى * وذو العون عند المعضلات النوائب فان تبكياه تبكيا ذا مهابة * كريم المساعى حمله غير عازب (٥) في الفضائل: على البحر منى.
(6) قال الجزري: فيه ثلاث من أمر الجاهلية: الطعن في الأنساب، والنياحة، والانواء قد تكرر ذكر النوء والانواء في الحديث، ومنه الحديث: مطرنا بنوء كذا، وحديث عمر: كم بقي من نوء الثريا، والانواء هي ثمان وعشرون منزلة ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى: (والقمر قدرناه منازل) ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، و تطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فتقضى جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إليها ويقولون: مطرنا بنوء كذا، وإنما غلظ النبي صلى الله عليه وآله في أمر الأنواء لان العرب كانت تنسب المطر إليها فأما من جعل المطر من فعل الله أراد بقوله، مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست