بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ١٤٩
عيوننا بخذلان عدوك، فأطال الله تعالى في سوابغ نعمه مدتك، وهنأك بما منحك، ووصلها بالكرامة الأبدية، فلا خيب دعائي فيك أيها الملك، ففرح سيف بدعائه واستقر له بالمحبة بما سمع من تهنيته، ثم أمره أن يصير هو ومن معه بالباب من أصحابه إلى دار الضيافة إلى أن يؤمر (1) بإحضارهم بعد هذا اليوم إلى مجلسه، فمضى وحجابه وخدمه بين يديه إلى حيث أمرهم، وخرج عبد المطلب واستوى على جمله وأتبعه أصحابه وبين يديه غلمان الملك وحوله حتى أنزلوه وأصحابه الدار، وبالغوا بالتوصية به وبأصحابه، فأمر الملك أن يجري عليهم في كل يوم ألف درهم بيض، فبقي عبد المطلب في دار الضيافة سريرا " (2) حتى تصرمت أيام الورد، فلما كان في اليوم الذي أراد فيه مجلسه للتسليم عليه والنظر في أمره ذكر عبد المطلب في شطر من ليلته فأمر بإحضاره وحده، فدخل عليه الرسول فأمره وأعلمه بمراد الملك منه، فقام معه إليه، فإذا الملك في مجلسه وحده، فقال لخدمه: تباعدوا عنا، فلم يبق في المجلس غير الملك وعبد المطلب، وثالثهم رب العزة تبارك وتعالى، فقال له الملك: يا أبا الحارث، إن من آرائي أن أفوض إليك علما " كنت كتمته عن غيرك، وأريد أن أضعه عندك، فإنك موضع ذلك، وأريد أن تطويه وتكتمه إلى أن يظهره الله تعالى، فقال عبد المطلب: السمع والطاعة للملك، وكذا الظن بك فقال الملك: اعلم يا أبا الحارث إن بأرضكم غلاما " حسن الوجه والبدن، جميل القد والقامة، بين كتفيه شامة (3)، المبعوث من تهامة، أنبت الله تعالى على رأسه شجرة النبوة، وظللته الغمامة، صاحب الشفاعة يوم القيامة، مكتوب بخاتم النبوة على كتفيه سطران: لا إله إلا الله، والثاني محمد رسول الله، والله تعالى أمات أمه وأباه، وتكون تربيته على جده وعمه، وإني وجدت في كتب بني إسرائيل صفته أبين وأشرح من القمر بين الكواكب، وإني أراك جده، فقال عبد المطلب: أنا جده أيها الملك، فقال الملك: مرحبا " بك وسهلا " يا أبا الحارث، ثم قال له الملك: أشهدك على نفسي يا أبا الحارث إني مؤمن به وبما يأتي

(1) إلى أن يأمر خ ل.
(2) السرير. الذي يسر اخوانه ويبرهم، وفي هامش نسخة المصنف مكانه: سرا " برا ".
(3) الشامة: الخال.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست