بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ١٥٥
ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين " ثم إن يوشع استخلف على قوم فرعون رجلا منهم وعاد إلى موسى بمن معه سالمين غانمين. (1) تذنيب: قال السيد المرتضى قدس سره: فإن قيل: كيف جاز لموسى أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصي وذلك كفر وسحر وتلبيس وتمويه، والامر بمثله لا يحسن؟ قلنا: لابد من أن يكون في أمره عليه السلام بذلك شرط، فكأنه قال: ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين، وكان فيما تفعلونه حجة، وحذف الشرط لدلالة الكلام عليه و اقتضاء الحال له، ويمكن أن يكون على سبيل التحدي بأن يكون دعاهم إلى الالقاء على وجه يساويه فيه، ولا يخيلون فيما ألقوه السعي والتصرف من غير أن يكون له حقيقة لان ذلك غير مساو لما ظهر على يده من انقلاب الجماد حية على الحقيقة دون التخييل، وإذا كان ذلك ليس في مقدورهم فإنما تحداهم به ليظهر حجته. (2) أقول: يمكن أن يقال: الامر بالسحر إذا كان مشتملا على بيان بطلانه وظهور المعجزة وعدم مبالاته بما صنعوا مع أن القوم لا ينتهون عنه بعدم أمره بل بنهيه أيضا ليس بقبيح، (3) فيكن أن يكون مخصصا لعمومات النهي عن الامر بالسحر إن كانت ولو كان لمحض دليل العقل، فلا يحكم في خصوص تلك الصورة بشئ من القبح، أو يقال: إنه لم يكن المراد به الامر حقيقة بل كان الغرض عدم خوفه ومبالاته بما سحروا به، فيمكن إرجاعه إلى أمر التسوية، وقيل: إنه لم يأمر بالسحر بل بالالقاء وهو أعم منه.
ثم قال السيد: فإن قيل: فمن أي شئ خاف موسى عليه السلام؟ أوليس خوفه يقتضي شكه في صحة ما أتى به؟ قلنا: إنما رأى من قوة التلبيس والتخييل ما أشفق عنده من وقوع الشبهة على من لم ينعم النظر (4) فآمنه الله تعالى من ذلك، وبين له أن حجته ستتضح للقوم بقوله تعالى: " لا تخف إنك أنت الاعلى ". (5)

(١) العرائس: ١٢٣ - ١٢٦. وفيه: غانمين شاكرين م (٢) تنزيه الأنبياء: ٧٠ - ٧١. م (٣) بل ربما يمكن أن يقال بحسن ذلك، إذ فيه إبطال الباطل وإرشاد الجاهل إلى بطلان عملهم وأن عمله ليس من سنخ عملهم وسحرهم، بل هو من عند الله، وعمله من صنع الله.
(٤) أي لم يحقق النظر فيما صنعوا.
(٥) تنزيه الأنبياء: ٧١. م
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435